في الأشهر الماضية تسللت جائحة كورونا للمدن وبشكلٍ سريع تعاطت المدن مع ظروف الجائحة وتكيفت معها واتخذت مظهراً مختلفاً ركز على رفع مستويات الصحة العامة والنظافة والسلامة البيئية، وتميزت المدن لدينا في سرعة التعاطي والتكيف مع متطلبات التعامل مع الجائحة وهذا ما كان ظاهراً وجلياً، وعلى أثر ذلك حدث التحسن الكبير والانخفاض في مستويات تأثير الجائحة على المدن وسكانها، بفضل الله ورحمته، ومع عودة المدن لحياتها الطبيعة وعودة كثير من الأنشطة الحياتية بدأنا نشاهد العديد من المظاهر السلبية التي كنا ظننا أنها ستختفي بعد الجائحة وتخلت بعض الأنشطة في المدن عن معايير الصحة العامة، لذا من المهم أن تركز إدارات المدن في ضبط مشهدها الصحي وتساعد في توفير محيط عمراني يراعي جوانب القوة الاقتصادية وحماية البيئة والصحة العامة. وهذا يتطلب تبني مبادئ وأسس المدن الصحية الناجحة التي تركز في مفهومها على الارتقاء بصحة المدن وحياة ساكنيها من خلال تحسين الجوانب العمرانية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية وتحقيق الرعاية الصحية والبيئة التعليمية والتثقيفية الملائمة، ويمكن أن نطلق المدينة الصحية على المدن التي تحقق معايير عالية في جوانب مناسبة وملائمة مستويات العيش، وانخفاض انتشار معدلات الأمراض الوبائية، بالإضافة إلى أمن الطرق وانخفاض مستويات الجريمة ضمن العناصر الأمنية والقدرة في ضبط السلوك الاجتماعي والسلوك الغذائي في مجال الرعاية الصحية. لذا أتطلع لأن تتبنى إدارات المدن برنامجاً وقائياً يعزز جوانب السلامة والصحة العامة ويحسن جميع جوانب الحياة في المدن انطلاقاً من مبدأ إلزام السكان وكافة الأنشطة باعتبار جوانب الحماية والحفاظ على الاعتبارات الصحية والبيئية أساساً في كافة التعاملات الحياتية سواءً في مرافق التعليم كالجامعات والمعاهد والمدراس أو أماكن العمل أو كافة مرافق المدن والأماكن العامة والتجارية المختلفة، مع معالجة كافة الممارسات السلوكية الفردية التي قد تعرض الصحة العامة والآخرين للخطر وزيادة الوعي بالقضايا الصحية والبيئية والاجتماعية ومعالجة مشكلات التلوث الحضري لنتمكن من صناعة مدن صحية قادرة على مجابهة التحديات والمخاطر بإذن الله.