مُنحت جائزة نوبل للطب إلى ثلاثة علماء فيروسات هم البريطاني مايكل هوتن، والأميركيان هارفي ألتر، وتشارلز رايس، تقديرا لدورهم في اكتشاف الفيروس المسؤول عن التهاب الكبد سي، وأشارت لجنة نوبل إلى أن العلماء الثلاثة فازوا بالجائزة بفضل "مساهمتهم الحاسمة"، بفارق سنوات، في "اكتشاف فيروس التهاب الكبد سي"، وذلك في خضمّ السباق العالمي الراهن لمعرفة تداعيات جائحة كورونا "كوفيد19" التي تجتاح العالم، وأثرها الكبير على نواحي الحياة المتعددة وحفل تسليم الجوائز. وسرعان ما انضاف إلى الأجواء تأثير الجائحة بثقلها على موسم جوائز نوبل هذه العام، وإلغاء حفل توزيع هذه المكافآت العريقة المقرر أساسا في العاشر من ديسمبر في ستوكهولم، للمرة الأولى منذ 1944. وقد أبقي على موعد الإعلان عن الفائزين خلال الأسبوع الحالي، ويتشارك الفائزون بالجائزة مكافأة مالية في العديد من التخصصات المختلفة. وهكذا آل الأمر إلى التفرد والتميز بالجوائز العالمية لأميركا وأوروبا، منذ العام 1901 تهيمن الولاياتالمتحدة على المرتبة الأولى، وبلغ إجمالي عدد الفائزين من أميركا أكثر من 378، وكانت الأكثر نجاحًا في مجال علم وظائف الأعضاء أو الطب. وتأتي المملكة المتحدة في المرتبة الثانية، وحصل علماؤها على أكثر من 132 جائزة نوبل. ولم يكن لبقية الدول نصيب وافر فيها رغم التقدم الحضاري والتطور الرقمي والعائدات الاقتصادية الضخمة، ومع ذلك فلا بد من الرجوع إلى الأسباب، وأهمها هو حجم المبالغ الضخمة والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات التي خُصصت لمراكز الأبحاث، حتى نقف على أصل الأسباب وهو ضعف هذه المراكز في الدول العربية التي تعتبر من الأدوات المهمة التي يمكن الاستفادة منها لتشكيل الأطر الموجهة للسياسات العامة، وكذلك السياسات الخارجية، والتفاعلات الممكنة بين المعرفة العلمية وشروط الوجود الإنساني، لأن تلك المراكز تلعب دورا مهما في التأثير في الرأي العام الدولي، أو الرأي المتخصص في قضية من القضايا الممكنة التحقق، ويكون لها معنى على أساس تقويمها، علاوة على ذلك تتميز مراكز الأبحاث بأنها متخصصة في مجال علمي أو قضية في حد ذاتها. لقد بلغ العلم في الربع الأخير من الألفية الثانية وبداية الثالثة قدرا هائلا من التقدم، فإن العلم السائد في مجتمع من المجتمعات يعمل على تشكيل الثقافة وفق نموذجه ومعاييره وقيمه، أما وسيلة إشاعة الثقافة العلمية بالتربية والتعليم والأدبيات العلمية والنجاعة ووسائل الإعلام بالتقريب التداولي للمعرفة العلمية، يكون الهدف الأساس فيها أن تحدّث الجامعات مساراتها التعليمية لتسهم في صناعة الباحثين والمحللين الذين تحتاج إليهم مراكز الدراسات من أجل تحقيق أهدافها ولتواصل مسيرتها وتطورها وتستعين بمختلف القدرات العالمية للوصول إلى أفضل التوجهات العلمية. ها هي مسألة من أعظم المسائل التي تقدم فيها العلم وهي الحفاظ على صحة الإنسان بتلك الحقائق والمفاضلات في التقييم ومنح الجوائز العالمية تقديراً للأكاديميين والمثقفين هذا إضافة إلى الأفراد والمنظمات التي تحقق إنجازا مهما في مجالات مختلفة ومنها الكيمياء والفيزياء والأدب والسلام والفيسيولوجيا والطب، بل يتعلق الأمر بسلامة الجنس البشري، وفضلا على هذا الباعث الذي شجع الكثير على التأمل والكتابة عنه لتقديم الطب والفيزياء على التخصصات الأخرى بالفوز المتعدد والمتكرر بالجائزة. ولذا فإن هذا التفاعل مع العالم الخارجي في ظروف انتشار جائحة كورونا، تمنحه ميزة في ميادين جاذبة للأبحاث العلمية ويمثل موضوعاً ساخناً يحتل قمة القضايا على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية، بتطور تعريف الفيروس تطوراً عظيماً بطريقة أكثر دقة، وعزم العلماء على العثور على ذلك الفيروس المراوغ، وتحدد بالتالي كيفية التصرف معه واكتشافه التي قطعت شوطاً طويلا في البحث، وبقي معرفة اتساع وتعقد العالم الفيروسي الذي نعيش فيه وسلسلة من متابعة الباحثين عند هذا المستوى من اكتشاف العوامل المسببة التي تصيب الإنسان والحيوان والنبات. إن الغاية الأسمى لكل بحث علمي هو معرفة الحقيقة العلمية لكل قسم من أقسام الحياة، لكي تتسع الدائرة لبقية الدول وتتجه علميا وفكريا إلى منصات التتويج عن طريق اقتراح نظريات صادقة واكتشافات تنفع البشرية، أو تقترب على الأقل من المنافسة، وطرد الضجيج الذي لا يحقق العلم الناضج والتنظيم الذاتي في مجاله الخاص الذي يمنحه فرصا أكبر للاكتشافات، علما أن العالم اليوم يعاني من تفشى فيروس شرس أصاب الملايين وكاد أن يعطل عجلة الحياة برمتها. -