ليس مستغرباً أن نرى إعادة شاملة لهيكلة الجهات الحكومية، وزيادة عدد الهيئات المستقلة، فالرؤية وضعت من ضمن أبعادها تحقيق التميز الحكومي الذي يهدف إلى رفع جودة الخدمات الحكومية المقدمة للأفراد والقطاعين الخاص والعام، وتحسين إنتاجية موظفي الحكومة.. وضعت رؤية المملكة 2030 منذ صدورها موضوع مرونة الجهات الحكومية، وسرعة إنجازها لأعمالها كواحد من أهم اهتماماتها، وكانت البداية بإلغاء المجالس العليا، وتأسيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية للرفع من الفاعلية والكفاءة في الجهات الحكومية، وتحقيق أداء أكثر مرونة وفاعلية في مواكبة متطلبات الرؤية، ما سيسهم في تحقيق حوكمة فاعلة للعمل الحكومي، ويساعد في سرعة اتخاذ القرار. ثم بدأ مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية دراسة مهام الجهات الحكومية المختلفة، فوجد تضخماً في بعض منها، وازدواجية في بعضها الآخر، ما يعرقل الكثير من القرارات الحكومية التي تتطلب السرعة في اتخاذ القرار، والمبادرة إلى التنفيذ، ما قد يتناقض مع الرؤية التي كان من أهم أهدافها زيادة الفاعلية والمرونة، فتم اتخاذ عدد من الخطوات التي تمثلت في دمج الجهات المتماثلة مثل وزارة التعليم مع وزارة التعليم العالي، ووزارة الطاقة مع الصناعة والكهرباء، وتحويل الهيئة العامة للاستثمار إلى وزارة للاستثمار، وتعديل مسمى وزارة التجارة والاستثمار لتكون بمسمى وزارة التجارة فقط، وضم وزارة الخدمة المدنية إلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وتعديل مسمى الوزارة ليكون وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتحويل الهيئة العامة للرياضة إلى وزارة باسم وزارة الرياضة، وتحويل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، إلى وزارة باسم وزارة السياحة، وغيرها من الجهات الأخرى. كما صدرت مجموعة من الأوامر الملكية بإنشاء عدد من الهيئات الجديدة بعد إقرار رؤية المملكة ليصل عدد الهيئات الحكومية إلى أكثر من 60 هيئة حكومية مستقلة، فرأينا هيئة للمعارض والمؤتمرات، وأخرى للمشتريات الحكومية والمحتوى المحلي، وثالثة تحمل اسم الهيئة السعودية للفضاء، ورابعة للعقار، وخامسة للذكاء الاصطناعي، وسادسة للمنافسة، وهكذا هيئات أخرى للمتاحف والفروسية، والفنون والمسرح والموسيقى، وإعادة تنظيم الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية، وفصل المساحة العسكرية عن الهيئة العامة للمساحة، وضمها إلى وزارة الدفاع، وهكذا غيرها من الهيئات الأخرى المتخصصة في مجالات محددة والتي لاشك أنها ستسهل من الإجراءات الروتينية، وتقلل كثيراً من الروتين الحكومي المعتاد في الدوائر الحكومية سابقاً. والمتمعن في موضوع إنشاء هذه الهيئات يلحظ أن لكل هيئة اختصاصها ومهامها وميزانيتها المستقلة التي تمكنها من القيام بعملها بعيداً عن الروتين الحكومي المعتاد، حيث تتنوع مهام هذه الهيئات لرفع قيمة المملكة في مجال الاقتصاد الدولي، وتكوين أرضية قوية للاستثمارات والتبادلات الحكومية والتجارية والمعرفية، وتعزيز الممكنات الاقتصادية، والارتقاء بمستوى الخدمات المعيشية، ما يسهم بشكل مباشر في تنويع الاقتصاد، وزيادة الناتج المحلي، وخلق فرص وظيفية أكبر للشباب السعودي. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل ركزت رؤية المملكة على تطوير أداء الموظفين من خلال برنامج تدريب شامل لأكثر من 500 ألف موظف حكومي، وتأهيلهم لتطبيق مبادئ إدارة الموارد البشرية في الأجهزة الحكومية، إضافة إلى سعي الرؤية إلى تأسيس قاعدة من المواهب والكفاءات البشرية ليكونوا قادة المستقبل، ما يؤدي إلى ارتقاء مستوى الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم وصولاً إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة. وليس مستغرباً أن نرى إعادة شاملة لهيكلة الجهات الحكومية، وزيادة عدد الهيئات المستقلة، فالرؤية وضعت من ضمن أبعادها تحقيق التميز الحكومي الذي يهدف إلى رفع جودة الخدمات الحكومية المقدمة للأفراد والقطاعين الخاص والعام، وتحسين إنتاجية موظفي الحكومة، وتطوير الحكومة الإلكترونية، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتعزيز الشفافية في جميع القطاعات الحكومية، ودعم قنوات التواصل مع المواطنين ومجتمع الأعمال، وتحسين ترتيب المملكة في مؤشر مدركات الفساد، ومؤشر البيانات المفتوحة. ومازلنا ننتظر الكثير من إعادة الهيكلة لعدد آخر من المجالات الحكومية التي تضطلع بها عدد من الجهات الحكومية، ولنأخذ مثلاً على ذلك وزارة الموارد البشرية التي تتولى عشرات المهام في الوقت الحاضر، فيفترض أن نرى هيئة مستقلة للتنمية الاجتماعية لإعطاء اهتمام أكبر للضمان الاجتماعي وأصحاب الحاجات، وهيئة أخرى للجمعيات الخيرية، ودمج المؤسسة العامة للتقاعد مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وكذلك تنسيق الأعمال في وزارة التعليم وإنشاء هيئة مستقلة للتعليم الأهلي والتعليم العام، وأخرى للتعليم العالي الجامعي الأهلي، مع فصل الجامعات عن وزارة التعليم مع النظام الجديد للجامعات، وإنشاء مجلس للتعليم العالي، كما نتوقع أن نرى إعادة هيكلة لقطاعات أخرى تسهم في تحقيق الاستقلالية الإدارية وتساعد في بناء منظومة إدارية حديثة تتواكب مع رؤية وتطلعات المملكة 2030، بما يساعد على استمرار النمو والازدهار للمحافظة على مكتسبات المملكة التي تحققت في العديد من المجالات الحيوية.