مع إطلالة يوم الأربعاء السادس من شهر صفر عام 1442 للهجرة، الموافق الثالث والعشرين من شهر سبتمبر عام 2020 للميلاد احتفلت المملكة بذكرى عزيزة على نفوسنا، قريبة إلى قلوبنا، تحل فيها كل عام محل الفريْدة من العِقْد، وتُحلّق بأذهاننا إلى يوم مجيد.. إنها ذكرى اليوم الوطني 90 لتوحيد المملكة التي توشَّحت في هذا اليوم بالوشاح الأخضر، وتراءت للناظر كأنها واحة غناء، وتلألأت الأنوار في أرجائها، وبدت كأنها النجوم اللامعة في سمائها، وتزينت بلوحات جميلة وأكسية مطرَّزة بصور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، وبلوحات أُخر مزدانة بدرر من الكلمات، نحو:(همةٌ حتى القمة)، (دام عزك ياوطن)، (بالروح والدم نفديك ياوطني)،(حب الوطن في قلوبنا)، (ارفع الخفاق أخضر ياموطني)، (دمت فخرًا لنا ياوطني)، (عاشت لنا السعودية).وكذا ازدانت بما يعبر عن بعض معالم النهضة في البلاد، ويجسد عبق الماضي، وإشراقة الحاضر، واستشراف المستقبل في ظل رؤية 2030 وخططها الشاملة في منظومة المسيرة التنموية على جميع الأصعدة. وتعانقت من داخل المملكة وخارجها أعذب التهاني والتبريكات، متوّجة بأجمل العبارات وأجل الدعوات لوطننا الغالي حكومة وشعبًا، وتعالت- بأصوات شجية- الأهازيج والأغاني والموروثات الشعبية كالتي تُعرف بالعَرْضة ورقصتها، ورفرفت الأعلام خفاقة بشعارها الذي يتحلى بكلمة التوحيد(لا إله إلا الله محمد رسول الله)، ورموزها المعبرة في لونها الأخضر ورسمها الدال على القوة والنماء.. وأقيمت المسابقات، وانبرت الأقلام، ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتعبر عن المشاعر مابين منظوم ومنثور.. وفي هذه المناسبة العزيزة التي صافحت قلوب الكثيرين في مواطن شتى ولامست شعور المواطنين، والمقيمين على أرض وطننا المعطاء، واستراحت إليها نفوسهم، زاد السرور إضافة يوم الخميس إلى إجازة اليوم الوطني، الذي صادف يوم الأربعاء..إلى ماهنا لك من مظاهر الاحتفال والاحتفاء بيوم خالد، يُعد علامة فارقة في تاريخ وطننا الغالي، ونبراسًا يتجدد في ضوئه الولاء والبيعة والوفاء لقادتنا، وإظهار التلاحم بينهم وبين الشعب، كما يُعد رمز فخر وعطاء وبذرة شجرة سامقة آتت أكلها، ولبنة بناء وضعها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود- طيَّب الله ثراه، وأسكنه الفردوس- مستمدًا عزمه وحزمه وقوته من عون الله وتوفيقه، وتطبيق مبادئ الإسلام وتعاليمه، إلى جانب ما يتمتع به من مهارات ومواهب، وصفات قيادية، وحكمة وعبقرية..ونحو ذلك مما ساعده على توحيد منطقة شاسعة، وبلدان مترامية الأطراف، وشعوب وقبائل شتى، لَمَّ شتاتها، وقرَّب قاصيها، وروَّض عاصيها، وذلل صعابها، ونشر الأمن والأمان في شعابها، وأقام دولة حديثة متماسكة، ارتكزت على الجوانب الدينية، والإدارية، والعسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وغيرها من المنجزات الحضارية الواسعة، وما يدور في فلكها من خطط عملاقة، ومعطيات ذات رسالة سامية، أكسبتها مكانة عظيمة إقليمية ودولية، وذلك بعد كفاح وملاحم بطولية في مدة تربو على ثلاثين عامًا، أرسى في ظلها قواعد هذا الكيان العظيم على القيم الإسلامية، والعزة والقوة، ومقومات الأمن والأمان والاستقرار التي مازالت بلادنا تنعم بها بفضل الله تعالى ومنته وكرمه، ثم بفضل تلك الجهود والبطولات والملاحم التي سطرها التاريخ بأحرف من نور للملك المؤسس، وواصل أبناؤه المسيرة من بعده. وقد أصدر المؤسس مرسومًا ملكيًا في السابع عشر من جمادى الأولى عام 1351للهجرة، الموافق اليوم التاسع عشر من شهر سبتمبر عام 1932 للميلاد، بشأن تسمية الدولة باسم (المملكة العربية السعودية)، واختار يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر جمادى الأولى، من العام 1351 للهجرة، الموافق الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من العام 1932للميلاد ليكون اليوم الوطني لإعلان قيام المملكة العربية السعودية، وقد تهيأ لها من الأمن والأمان والاستقرار ورغد العيش ما يُضرب به المثل على مر العصور والأزمان.. وقد أكمل المسيرة من بعد الملك الراحل أبناؤه الأوفياء.. وهاهو الوطن يسير بخطى واسعة، وطموحات عميقة نحو تحقيق الرؤية، وتعزيز الرخاء بقيادة ملك الحزم والعزم الملك سلمان وولي عهده، الأمير الشاب محمد بن سلمان أيدهما الله بنصره وتوفيقه، وجزاهما خيرًا على جهودهما داخل المملكة وخارجها، مما يعز حصره، ويصعب وصفه. إن الحديث عن مفاخر اليوم الوطني لمملكتنا الغالية، وما وصلت إليه من رقي جعلها في مصاف الدول المتقدمة لا يستوفيه نظم شاعر ولا كلمات ناثر..وحسبها فخرًا ومكانة أنها مهبط الوحي، وقبلة الإسلام والمسلمين، ومنارة لتحكيم الشريعة الإسلامية، وتحقيق العدل والترابط، وصرح شامخ للعلم والمعرفة، وخدمة الكتاب والسنة واللغة العربية، والحفاظ على التراث والقيم، وبحر في الجود والعطاء والمساعدات بسخاء، ورمز فخر في الحب والولاء والوئام بين الراعي والرعية، ونبراس وضَّاء في المشاركات الدولية، وتسخير الجهود، وتذليل الصعاب، والأخذ بالأسباب في تحقيق التطور والنماء والسؤدد والرخاء، ولم يثنِ همتها ومضيها نحو التقدم التحديات والظروف الحرجة، كجائحة (كورونا)، بل تعايشت معها، ووقفت وقفة مشكورة في التصدي لها والوقاية منها، وتقديم الفحص والعلاج للمواطن والمقيم، واتخاذ التدابير والبرامج والاحترازات الصحية، وسخَّرت الإعلام والتطبيقات في وسائل التواصل للتوعية والتواصل، ودعمت المصحات بما يلزمها، وكذلك القطاع الخاص، وبذلت الغالي والنفيس في سبيل ذلك وأتاحت الفرص الملائمة لسير الأعمال- ولا سيما التعليم- وذلك بما يكفل مسيرته على الوجه الملائم في ضوء تلك البرامج والتعليمات والاحترازات الوقائية. إن اليوم الوطني الذي يتكرر في كل عام لا يكفيه التعبير عن مشاعر البهجة والفرح، والإشادة بالوطن، وصفحاته المشرقة، وتاريخه المنير... بل ينبغي أن يُحمد الله على بلوغه والفرحة فيه، وأن يقف المواطنون والمقيمون على أرضه صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص مع قادته، ونصرته، ودحر أعدائه، ورد سهام كيدهم إلى نحورهم، وأن يُجدد الولاء لحكومته، والاستشعار بأن الوطن أمانة في الأعناق ، وما أصدق قول القائل:" وطن لا نحميه لانستحق العيش فيه"، وقول الآخر: روحي وما ملكت يداي فداه وطني الحبيب وهل أحب سواه وعلى الجميع استحضار أفضال الوطن بعد الله تبارك وتعالى، واستلهام الدروس والعبر في تأسيسه وبنائه، وأن يُتّخذ من فكر المؤسس الملك عبد العزيز وكفاحه منهجًا في الوصول إلى العز والمجد، ومن أبنائه البررة مثالًا للبر والوفاء والطموح والبناء.. رحم الله من لقي ربَّه منهم، وحفظ مَنْ بقي. وتهنئة عبقة لوطننا حكومة وشعبًا بيومه الخالد، ولأبطالنا كذلك أينما كانوا.