لم تك ظروف جائحة كورونا وما صاحبها من إجراءات احترازية هذا العام لتحد من جموح الرغبة التي باتت متجذرة في وجدان المواطنين بكافة أطيافهم في الاحتفاء باليوم الوطني، والتعبير بتلقائية عما يكنون من مشاعر في صور وألوان احتفالية تزهو بخضرتها تلك اللوحة الجميلة والرائعة التي تعبر في كل عام عن روابط الوحدة الوطنية التي يلتف حول رايتها والذود عنها كافة من نشأ وترعرع على ثرى هذه الأرض. فلقد أعاد يوم الخميس الماضي إلى الذاكرة الملاحم البطولية التي قادها المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - بمعية رجال مخلصين للمّ شمل وشتات الوطن التي توجت بالمرسوم الملكي الذي أصدره في تاريخ 17 جمادى الأولى من العام 1351ه، وقضى فيه باختيار الأول من الميزان يوماً لإعلان توحيد المملكة العربية السعودية والذي نحتفي في هذه السنة بالذكرى التسعين لهذا اليوم الوطني المجيد والمديد بإذنه تعالى. لا أعلم إن كانت مصادفة أن تتزامن الذكرى المئوية لليوم الوطني التي ستحل - بمشيئة الله - بعد عشر سنوات من الآن في العام 2030، والسنة التي ستكتمل فيها - بإذنه تعالى - عناصر الصورة التي جرى استشراف آفاقها ورسم ملامحها عن رؤية المملكة 2030، ليبدوا في تلاق وعناق مبهج وكأنما أريد أن تكون منجزات الرؤية الإكليل التي تتوج به تلك المناسبة احتفاء بمرور قرن على توحيد المملكة، وما أسمى به من إكليل. لكن هل يا ترى يكتفى بذلك أم نتوقع المزيد..؟ إن الاحتفاء بمئوية التأسيس التي عاش الكثير منا أجواءها في العام 1419ه توحي بشيء من ذلك، فالمناسبة لها مكانتها وقيمتها، والوقت متسع نسبياً للإعداد لها على نحو ما جرى لمئوية التأسيس، التي نشأت فكرة الاحتفاء بها والعمل عليها من قبل المربي والأديب والمؤرخ الأستاذ عبدالرحمن بن سليمان الرويشد رحمه الله تعالى في العام 1410ه، أي قبل أوانها بنحو تسع سنوات كما نوه بذلك خادم الحرمين الشريفين حفظه الله حينما كان أميراً لمنطقة الرياض ورئيساً للجنة العليا المكلفة بالإشراف على تلك المناسبة، التي حددت آنذاك صور ومظاهر الاحتفاء، فتمخض عنها تنفيذ مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، أحد المعالم الحضارية للعاصمة الرياض حالياً، إضافة إلى ما نظم من مؤتمرات وندوات ذات صلة صاحبت المناسبة، وزخم كبير من المؤلفات العلمية في كافة المجالات رصدت تطور المملكة على مدى قرن من عام التأسيس. إن مئوية التوحيد التاريخية لجدير بأن تحظى بذات القدر من العناية والاهتمام، وأن تكون المنصة التي تنطلق منها الملامح التي تستشرف آفاق مرحلة ما بعد الرؤية.