يقول الرئيس الأميركي السيد دونالد ترمب أثناء خطابه في مؤتمر الحزب الجمهوري (سنفرض رسوما على أي شركة تغادر أميركا لخلق وظائف في الخارج. سنتأكد أن شركاتنا ووظائفنا ستبقى في البلاد). أدرك أن خطابات، ومؤتمرات، وكلمات، أي من المرشحين للرئاسة الأميركية هي «للاستهلاك الانتخابي» سعيا للوصول إلى مقعد الرئاسة، ولكن المرشح الأميركي عندما يفوز، فإنه، في الغالب يبقى مطالبا بتنفيذ وعوده على أرض الواقع. بغض النظر، إن نفذ السيد ترمب مثل هذا الوعد، إن فاز بفترة رئاسية ثانية، أم لم ينفذه، إلا أن المهم هو أن المبادئ التي كانت تنادي بها أميركا، وكان المرشحون للرئاسة يخاطبون بها جماهيرهم، ويغازلون عواطفهم، قبل سنوات قليلة، تحولت إلى النقيض، وأصبح ما كان شبه محرما الحديث عنه في الإعلام الأميركي، وفي السياسة الأميركية، قبل سنوات قليلة، مصدرا للتفاخر والتباهي، ومدعاة لوصول المرشح إلى كرسي البيت الأبيض. أميركا التي كانت تتبنى أفكار السيد ميلتون فردمان وجماعته من مدرسة شيكاغو، التي تنادي بحرية السوق، وعدم التدخل من قبل الحكومة فيه، وتؤمن بأهمية الشركات عابرة القارات، وانفتاح الاستثماري الدولي وحرية تنقله، أصبحت ترى أن معاقبة الشركات التي تستثمر خارج الأرض الأميركية أصبح حقا من حقوق الدولة، ومن حق الرئيس أن يطبقه على الشركات التي تخالف ما يراه، وأمرا يتباهى به الرئيس أمام الناخبين. القضية هنا، ليست حديثا انتخابيا للرئيس، ولكن، كون هذا الحديث يجد قبولا وآذنا صاغية لدى الشارع الأميركي، فهنا تكمن المشكلة، وهنا يكون التحول الخطير الذي يجب الوقوف عنده ودراسته والتعرف على اتجاهاته وآثاره المستقبلية. كيف سيكون وضع الاقتصاد العالمي مستقبلا؟ وكيف سيكون حال الاستثمارات الخارجية؟ وما هو الشكل الجديد الذي ستكون عليه العلاقات والاتفاقيات والتعاملات التجارية الدولية؟ كل هذه أسئلة مهمة تستحق منا الاهتمام والدراسة، وبالذات أن لدينا رؤية طموحة، تسعى إلى تنويع مصادر الدخل، وخلق شركات وطنية بمستوى عالمي، وإيجاد صناعة تسعى للتواجد بمنتجاتها خارج حدود الوطن.