إلى جانب حالات القمع والضغط الذي يمارسه نظام الملالي على السجناء السياسيين، تسببت جائحة تفشي فيروس كورونا في مشكلات أخرى، لانعدام وجود الحد الأدنى من العناية الصحية ونقص الإمكانات، ولهذا السبب، ونتيجة لمثل هذا الوضع، أضرب عدد كبير من السجناء عن الطعام، بمن فيهم السيدة نسرين ستوده، المحامية الإيرانية البارزة والناشطة في مجال حقوق الإنسان. وقالت السيدة سروناز جيت ساز، رئيسة لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في حوار ل»الرياض»، إن الملالي أكثر تخوفاً من السجناء المؤيدين للمعارضة أو الذين لديهم ميول للمعارضة وينفذون بحقهم عقوبات أكثر قسوة. وقد تم القبض على العديد منهم وحكم عليهم بالسجن لمدة طويلة عن طريق إلباسهم قضايا لا أساس لها من الصحة.. وإلى نص الحوار:*ما شكل الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة داخل السجون الإيرانية؟ -أولاً اسمحوا لي أن أقول إنه لا يوجد أساسًا ما يسمى بحقوق السجناء في إيران، فغالباً ما يتم القبض على السجناء بشكل تعسفي سياسيًا والحكم عليهم بأحكام قاسية بالسجن والإعدام في إجراءات غير قانونية ومحاكمات غير عادلة. وهم محرومون أساسًا من الوصول إلى محام أو يمكنهم فقط الوصول إلى محامين مختارين من قبل القضاء. ولأن النساء يتعرضن لقمع مضاعف من قبل الملالي، فإنهن يعانين تلقائيًا من ظروف أكثر صعوبة في السجون. وبالإضافة إلى الضرب والمعاملة السيئة، فهن يتعرضن أيضًا للتهديد الجنسي لإجبارهن على الاعتراف كذبًا، ثم يحكم عليهن بناء على هذه الاعترافات القسرية. يظل العديد من السجناء في السجن إلى أجل غير مسمى لفترة طويلة دون محاكمة. ولا تستوفي سجون النظام الملالي بشكل عام أياً من المعايير الدولية، لكن هذا الوضع مضاعف مقارنة بسجون النساء. ويُحرم السجناء من الحصول على العلاج الذي يحتاجونه، ويستخدم النظام بشكل منهجي الحرمان كشكل من أشكال التعذيب. اكتظاظ السجون بأعداد أكثر من سعة السجن، وانعدام الراحة، وسوء الحالة الصحية للسجون، ونقص المرافق الطبية، وعقبات إرسال السجناء إلى المستشفى، الافتقار إلى أنظمة التهوية والتبريد والتدفئة، ونقص في كمية الطعام ونوعيته ورداءته، وعدم الفصل بين الجرائم وانعدام أمن السجناء السياسيين، والحرمان من الاتصال والزيارات العائلية، الحرمان من الإجازة، وسب السجناء وإهانتهم، كلها مجالات تنتهك حقوق السجناء. واشتد تدهور الأوضاع الصحية في السجون بعد تفشي فيروس كورونا، ولا توفر السجون أقل مرافق الصرف الصحي والتطهير للسجناء، وعليهم شراء المنظفات والمطهرات والأقنعة والقفازات بأسعار مرتفعة للغاية بمرات عديدة. إيران بلد يسجن النساء ليس فقط بسبب جرائم القتل والسرقة والجرائم الاجتماعية، بدلاً من ذلك، يُرسلن إلى السجون بسبب آرائهن المخالفة، أو رسم كاريكاتير، أو كتابة قصة، أو معارضتهن، أو مشاركتهن في مظاهرات سلمية، أو حتى وهن يدافعن عن حقوق الطفل أو يحتجن على الفقر. * كشفت تقارير حقوقية أن مئات النساء تعرضن للاغتصاب داخل سجون الملالي.. هل يحاسب النظام ذئابه البشرية؟ * بالطبع لا، النظام الإيراني لا يجري مثل هذه المحاسبات، ولم يحدث قط أن تمت محاكمة أو معاقبة أي شخص، سواء كان مسؤولاً رفيع المستوى أو مسؤولاً منخفض المستوى، بتهمة اغتصاب وإساءة معاملة السجينات. على العكس من ذلك، هناك العديد من التقارير عن اغتصاب السجينات في السجون، خلال انتفاضة نوفمبر 2019، أفادت منظمة العفو الدولية عن حدوث حالات عديدة من التهديد الجنسي بحق الفتيات المتظاهرات اللواتي تم اعتقالهن. كما ذكرت الفتيات اللواتي تم إلقاء القبض عليهن خلال انتفاضة نوفمبر 2019 وإرسالهن إلى سجن قرجك بعد الإفراج عنهن أن السجينات العاديات في هذا السجن يتعرضن للاعتداء الجنسي من قبل المسؤولين الذكور والسجانين، إما تحت التهديد أو من أجل احتمال ضئيل، مثل تقديم امتياز الهاتف. كما وردت تقارير عديدة عن اعتقال فتيات في الشوارع بذريعة الحجاب، وتعرض النساء والفتيات للإيذاء الجنسي في مراكز الاحتجاز، والإذلال بشتى الطرق. الاغتصاب هو إحدى أدوات كسر السجناء والسجينات في سجون نظام الملالي، ويعود تاريخ ذلك إلى الخميني في الثمانينيات، عندما سمح للمحققين والمعذبين والسجانين بالاغتصاب، وخاصة السجينات الشابات، لمنعهن من الذهاب إلى الجنة بعد إعدامهن. وكتب حسين علي منتظري، الذي كان خليفة الخميني لمدة 10 سنوات، في مذكراته المنشورة عام 2000 أن اغتصاب الفتيات في سجون الملالي كان شائعا ومنهجيا. * هل لديكم إحصائية بأعداد النساء اللاتي تعرضن للعنف على يد ميليشيا النظام؟ * منذ بداية حكمه، لم ينشر نظام الملالي قط إحصائيات حول عدد الاعتقالات، وعمليات الإعدام بحق السجناء السياسيين، وما إلى ذلك، لكن المقاومة الإيرانية بذلت الكثير من الجهود في هذا الصدد، مما أسفر عن تشكيل قائمة تضم 20 ألف شهيد استشهدوا على يد نظام الملالي. خلال انتفاضة نوفمبر 2019 والاعتقالات الواسعة النطاق، اعترف مسؤولو النظام باعتقال 7000 شخص، ومن الواضح أن العدد الحقيقي أكبر بكثير من هذا، فبحسب التحقيقات والتقارير التي حصلت عليها المقاومة استشهد 1500 شخص على يد النظام، حيث أعلنت المقاومة الإيرانية أسماء وتفاصيل وصور أكثر من 700 منهم. * ما أخطر السجون التي يتم فيها احتجاز النساء في إيران؟ -سابقاً كان سجن إيفين أكثر السجون فظاعة، لكن الآن وفي جميع أنحاء إيران، العديد من السجون مروعة بنفس القدر، وفي بعض الأحيان أكثر فظاعةً منه. على سبيل المثال، سجن قرجك في ورامين هو أحد هذه السجون التي كانت مزرعة دواجن قديمة في الجزء الشرقي من طهران، حيث يوجد الآن حوالي 2000 سجين، ولا يتم الالتزام بمبدأ الفصل بين الجرائم في هذا السجن. وفي بعض الأحيان يتم احتجاز المعتقلين السياسيين مع باقي السجناء حيث يكون بعضهم من المجرمين الخطرين. لقد بنى نظام الملالي سجوناً أكثر من أي شيء آخر في إيران وسجن الناس لأسباب سخيفة. سجن النساء بسبب طريقة ارتدائهن للحجاب، وهي جريمة ابتدعها الملالي ولا علاقة لها بالإسلام، وفي كثير من الأحيان يتم سجن محامي السجناء، وخاصة السياسيين، لمجرد قبولهم تمثيلهم. نظام الرعب استخدم مزرعة دواجن في قرجك وحولها لمعتقل وحشي الإجابة ب»نعم» تؤدي للإعدام.. وحالات اعتقال بسبب «قراءة صحيفة» * ما مصير المعارضات المعتقلات داخل السجون؟ * يلقي النظام القبض على النشطاء أحياناً بسبب المشاركة في احتجاج أو حتى نشر معلومات على الشبكات الاجتماعية مثل أثينا دائمي وغولرخ آريايي، أو على سبيل المثال، مريم أكبري منفرد، التي حُكم عليها بالسجن 15 عاماً بسبب علاقة عائلية مع منظمة مجاهدي خلق، حيث قضت حتى الآن 11 عاماً في السجن دون حتى إجازة ليوم واحد، أو زينب جلاليان، وهي سجينة سياسية كردية، نُقلت من سجن خوي إلى سجن قرجك. وبعد إصابتها بفيروس كورونا، تم نقلها إلى سجن كرمان في جنوبإيران، أو كمثال آخر، السيدة فاطمة مثنى، التي حُكم عليها بالسجن لمدة 15 عاماً في سجن إيفين لعلاقتها بمنظمة مجاهدي خلق وإقامتها مجلس ترحيم لوالد زوجها، حيث أغمي عليها في جناح النساء بعد ظهور أعراض إصابتها بفيروس كورونا فتم تقييد يديها ونقلها إلى المستشفى. إلا أنه قبل أن تظهر نتائج التحاليل، أُعيدت إلى جناح الحجر الصحي بالسجن دون استكمال علاجها، خلافاً لرأي الطبيب، بذريعة أنه لا توجد إمكانية لعلاج المريضة. أو كما قلت مؤخراً يترك المعتقلين السياسيين بين المجرمين الخطرين دون فصل الجرائم، حتى أنه في الأسبوع الماضي، تعرض السجناء السياسيون زهراء صفائي وبرستو معيني وفروغ تقي بور للاعتداء والضرب من قبل مجرمات مأجورات من قبل رئيس السجن وتهديدهن بالقتل. *كم عدد ضحايا مجزرة عام 1988 من النساء وما نوع الانتهاكات القانونية التي واجهنها؟ * بحسب معلومات منظمة مجاهدي خلق، فقد قُتل أكثر من 30 ألف شخص في المجزرة، عدد كبير منهم من النساء. تم إفراغ العديد من العنابر في السجون مثل إيفين وجوهر دشت بالكامل بعد الحادثة، وظل عدد قليل من المعتقلين السياسيين، سواء في جناح النساء أو في جميع السجون. وبغض النظر عن الأرقام، تُظهر الأدلة والشهادات الموضوعية أن النساء تم إعدامهن مثل الرجال. لقد تصرف النظام على هذا النحو بحيث تم خلال المجزرة استجواب السجناء السياسيين لفترة وجيزة، حيث كانت غالباً أقل من دقيقة، من قبل لجنة تعرف باسم لجنة الموت، وبعض أعضائها الآن في مناصب عليا في النظام الإيراني. كان على السجناء، وكثير منهم من منظمة مجاهدي خلق، أن يجيبوا على سؤال فيما إذا كانوا لا يزالون مؤيدين لمنظمة مجاهدي خلق. وإذا أجابوا بالإيجاب، فسيُحكم عليهم بالإعدام. هذه الأسئلة والعديد من الحقائق الأخرى واردة في تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2018 حول مذبحة عام 1988. وتم سجن العديد من هؤلاء السجناء لمجرد قراءتهم صحيفة. وبعض هؤلاء السجناء أنهوا مدة عقوبتهم. فيما بعد تم دفن الأشخاص الذين تم إعدامهم في مقابر جماعية غير معروفة بالنسبة لعائلاتهم. ووفقاً للقاضي روبرتسون، الذي لديه خبرة كبيرة بموضوع المذابح، فإن مذبحة عام 1988 ضد السجناء السياسيين كانت أكبر إبادة جماعية في التاريخ المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية. سروناز جيت ساز