لا صوت يعلو هذه الأيام فوق صوت التعليم عن بعد، والمدرسة الافتراضية، ومنصتي، وقنوات عين التعليمية، فما يحدث في أوساط الأسر السعودية سابقة تاريخية لم تتعرض لها من قبل، فالاستنفار بلغ أشده في صفوف أولياء الأمور بمتابعتهم للأبناء والبنات والبحث عن كل ما يعزز معارف أبنائهم. لقد كانت وزارة التعليم في الموعد تماماً فبعد أسبوع أولي شابه بعض المراجعات الفنية للشبكة التعليمية، بدأ قطار التعليم عن بعد يسير على الجادة السليمة، ولزم القضبان الصحيح المؤدي بمشيئة الله إلى تحقيق الأهداف المرسومة لاستمرار العملية التعليمية عن بعد، الملاحظ أن الوزارة كسبت الرهان على منصة (مدرستي) ونجحت في تقديم طريقة جديدة للتعليم، لم تكن موجودة أصلاً. فبعد موجة غضب من أولياء الأمور لم تستمر طويلاً، بدأ الجميع يعي الجهود التي بذلتها وزارة التعليم لإيصال العلم إلى الطلاب في منازلهم، فلك أن تتخيل ستة ملايين طالب يدرسون يومياً بإشراف جيش كامل من المدرسين والإداريين، هذا جهد لا يمكن تجاوزه بسهولة دون الإشادة به، والوقوف عنده، وأنه سابقة على مستوى العالم، كما قالت بذلك التقارير، وللتأكد من نجاح الطريقة الجديدة يجدر بنا أن نعقد مقارنة بين الأسبوع الأول من الدراسة وما شابه من تذمر من قبل الأسر، وبين الأسبوع الثالث مثلاً الذي نعيشه الآن ودرجة الرضا التي بدأ يبديها المتذمرون من قبل. لقد قدم لنا أبطال التعليم من معلمين وطلاب وقبلهم رجال وزارة التعليم الذين خططوا وأشرفوا صوراً رائعة عكست الدور المهم الذي يقومون به كل صباح، فلا يمكن تجاوز ذلك المعلم الذي يقدم دروسه وهو على فراش المرض يكابده من أجل راحة طلابه، ولا يحق لنا أيضاً الإعراض عن مشهد الطالب وهو جالس أمام جهازه المحمول يتابع دروسه وهو في أعالي جبال فيفاء أو زميله الذي يؤدي واجباته وهو في صحارى الصمان يلاحق أستاذه بحضور والده، تلك المشاهد وغيرها الكثير قدمت لنا صورة رائعة لاهتمام منتسبي التعليم بكافة شرائحه باستمرار النهل من معين العلم. سيأتي يوم وتنقضي جائحة كورونا لكن الحاجة لهذا النمط من التعليم لا بد أن تبقى فهي تتماشى مع ظروف أولئك الطلاب الذين لا يستطيعون الوصول لمدارسهم ممن منعتهم ظروفهم من الوجود في مقرات المدارس لمرض أو إعاقة أو أسباب غيرها.