في سياق الحديث اللا منتهي عن العقار، والاحتياج والعرض والطلب والمطور العقاري والمستفيد.. إلخ نجد أن هناك فجوات بين جميع الأطراف، وهذه الفجوات تحتاج إلى غلق وتعبئة حسب الاحتياج سواء تعبئة معرفية أو دراسات معيارية أو مسوحات سوقية أو توعية أو استشارات عقارية وغيرها.. وتتداخل الأدوار؛ لأن كلاً من المطور العقاري والمستفيد النهائي هما أقطاب عملية البيع.. إذاً لابد من خلق تجانس وتوافق بين ما يمكن أن يقدمه المطور العقاري وبين احتياجات المستفيد والتي لا يخفى على أحد أنها تتطور وتتغير بسرعة فائقة وهذا التغير المجتمعي في احتياجات الناس الراغبة بالتملك تتطلب دراسة واعية من قبل المطور سواء الاحتياج الفني أو الحياتي إذا تمكنا من النظر إلى المنزل كبيئة تتفاعل معها وتعيشها وليست جدراناً وأبواباً وبعض الشبابيك! كما يتطلب من راغب السكن زيادة البحث والاستشارة والاستفادة من قنوات التثقيف «المعتمدة» وغير المضللة التي تساعده بشكل كبير على الوعي لاحتياجاته الحالية وتحديد ما يناسبه من المنتجات السكنية؛ مع التأكيد أن وعي المستفيد سيساهم بشكل كبير في تحسين عملية التطوير العمراني بأكملها لأنه سينقل احتياجه للمطور الذي بدوره سيقوم بخلق فرص سكنية متنوعة له. إذ ليس من المقبول أن يتم بناء وحدات سكنية كانت متطلباً للأسر الصغيرة من عدة سنوات وبمقابل غير مناسب رغم عدم توفر بيئة ذات جودة ملائمة فمثلاً الكثير ممن تملك الشقق يعتبر أن هذه الشقة عتبة انتقال أو شقة مرحلية حتى ولو كانت تناسب أسرته الصغيرة لسنوات، لماذا؟ لأن مسكنه الحالي لا يشكل بيئة حياتية مناسبة ليعيش فيها فترات طويلة إنما هي نسخ مكررة من مبانٍ تم تنفيذها من عدة سنوات لم تجسد المعنى الحقيقي للسكن والذي يرمز إلى الهدوء والسكينة والاستقرار والثبات. لذا لابد من التحليق والنظر إلى خيارات أخرى وتوفيرها بسعر مناسب باستخدام تقنيات بناء ملائمة ومستجدة والبحث عن أفضل الحلول والخيارات والسماح للمستفيد بالمشاركة بوعي فيما يمكن أن يقدم له، فمن وجهة نظري الدور التشاركي إذا تم اعتماده بين المطور العقاري وشريكه المستفيد النهائي تحت إشراف الجهات المسؤولة سنلحظ تغيراً كبيراً بالعرض والطلب أيضاً، وستحدث نقلة نوعية في ما يتم طرحة من مشاريع تنافسية تهدف إلى تحقيق أعلى درجات الجودة والإبداع، لتوفير منتج نهائي لائق تنعكس فيه المرونة، وإمكانية التحسين والتغيير مستقبلاً، لأن خيار البناء الذاتي لن يكون الأفضل في السنوات القليلة المقبلة؛ لما يترتب عليه من عبء كبير على الفرد، فإذا توفرت لديه منتجات سكنية متنوعة ومتعددة بجودة تسمح له باختيار الأفضل له ولأسرته مستقبلاً دون أن يكون مضطراً لشراء المتوفر ولو لم يكن بقدر الطموح. في هذه الحالة سيكون التطوير العمراني والمنتج النهائي وصولاً إلى الشراء عملية متسقة متجانسة تسير بسلاسة وتتطور باستمرار بتغير فكر المستفيد والمطور العقاري. تقول كاسيليا اهيرين - الروائية الإيرلندية -: «المنزل ليس مكاناً هو إحساس». * نائب رئيس اللجنة العقارية ماجد الشلهوب *