خدمة الإرسال الإذاعي "الحكومي بالذات" ساهمت بتدفق محتوى إعلامي طوال التاريخ الإعلامي السعودي وبشكل كثيف ومنوع، وساعدت ببث سيل من المعلومات والفوائد والمتعة المختلفة في الوسط الاجتماعي كل ذلك عبر عدد كبير من البرامج المنوعة في الإذاعات الرئيسة "إذاعة نداء الإسلام، وإذاعة القرآن الكريم، وإذاعة جدة، وإذاعة الرياض". الأمر الذي جعل خلال الزمن الماضي شرائح متعددة من مجتمعنا تتفاعل مع هذا المحتوى وتطرب له. اليوم تخيم ملامح الإهمال على وجه الإذاعات بالابتعاد عن الدعم المستحق، وترك إذاعاتنا في غربة الحاضر دون وضع خطة تطويرية تطويعية جديدة لكل إذاعة على حدة، بأفكار وموضوعات مختلفة تتماشى مع الظروف الفنية والإعلامية والوطنية الحالية. بالود ترميم الإذاعات وظيفياً ومادياً وإعادة القامات الإعلامية للتعاون مجدداً خصوصاً في بث الأخبار، والانتباه إلى شركات التعاقد مع المراسلين والضيوف الخارجيين وجودتهم ونوعيتهم وتوجهاتهم وقدراتهم.. توفير الأجهزة الفنية الحديثة، توظيف وتدريب فنيين ومحررين ومخرجين جدد، تكرار أفكار البرامج بين الإذاعات، وعدم تقليد إذاعات الإف أم المتحررة من الهوية، وإبراز المذيعين وصورهم عبر بث مباشر مرئي وصوتي في وسائل التواصل أو التطبيقات الخاصة، تضمين الصور أو المشاهد للأحداث التي تقوم بتغطيتها، محاولة ربط ومزامنة بعض البرامج التلفزيوينة الشهيرة وبثها عبر الإذاعة والعكس صحيح. كما أضع ملامح التطوير الجديد بين يدي زملائنا الكرام مديري الإذاعات، وتمثل "الشكل واللون"، تبدأ من التفكير بالواقع الافتراضي التقني الجديد حيث إن العادات الحديثة لكثير من المتلقين تتمثل في استخدام الأجهزة الذكية فيجب وضعها بعين الاعتبار.. وتحتاج تلك الإذاعات بحسب المحتوى الذي تقدمه، وطبيعته، ونوعيته، وحدوده إلى دمج الوسائل السمعية البصرية والشبكات الاجتماعية في عملها، والتوجه لتطبيقات البودكاست؛ لجذب الجمهور، ومداومتها على تحديث منتجها من خلال التفاعل الإلكتروني المستمر والناقل للصوت والمضمون واستثمار حسابات الإذاعة على الشبكات المختلفة بتسويق برامجها بطريقة التقطيع للمحتوى وربطه بالمتصفح والمتلقي "اليوتيوبي"، ثم وضع فيديوهات على مواقعها الإلكترونية. كما يمكن من باب الجدة والتطوير إعداد برامج مختلفة: كالحوارية عن طريق مواقع التواصل؛ لتبث في الإذاعة. ولعلي أطرح أمراً أجده محورياً، وهو ما يخص توقيت العرض لبرنامج ما بحسب طبيعته، وهدفه، وجمهوره، حيث من المهم ملاءمة وقت العرض مع طبيعة البرنامج "ثقافي، اجتماعي، شعبي، دراما، طبي، منوع، أمني، إخباري، رياضي.. وحالة ومزاج المتلقي. ختام القول: تعاقبَ عدد من الوزراء ورؤساء الهيئة، ولكن الأمر لم يتقدم في الإذاعة ولم تكن أولوية.. وإدراك واستشعار أن الإذاعة هي أحد الأذرع الوطنية التي يجب دعمها هو منطلق مهم.. وعلينا تجاهل من يقول إن الإذاعة لم يعد لها شأن أو تأثير.. فجمهورها هو هدف، ومن خلال طبيعتها التي تعتمد على الصوت، فالإذاعة وسيلة تكسب قوتها الإيجابية من قوة المحتوى، وسطوة الكلمة، وحظوة العاطفة، وتعدد الخصائص، وإمكانية التطور، وسرعة النقل، وفنون الجذب الإعلامي، واختيار الوقت المناسب..حيث ينصهر ذلك كله في بوتقة واحدة تصنع إذاعة قوية متمكنة وممكنة للوطن والمواطن.. تبهرنا بشكلها ولونها.