كثيرون وجدوا في فترة منع التجول فرصة ثمينة للانشغال بأمور منسيّة، أوالالتفات إلى دفاتر الماضي وقبسات الذكريات، أو إنجاز أعمال حالت دون إنجازها مشاغل الحياة المتعددة. ومن بين ما امتدت يدي إليه من الكتب في تلك الفترة كتاب الأستاذ عبد الله محمد الشهيل (محطات عمر) الذي أصدره قبل وفاته بعامين رحمه الله. من منشورات دار المفردات للنشر والتوزيع، وكان الأستاذ الدكنور عبدالله عبدالرحمن الحيدري قد نوّه عنه عند صدوره وأشار بالذات إلى الصفحات التي دوّن فيها المؤلف ما يتعلق بالإذاعة من سيرة حياته في الجزء الذي يبدأ من الصفحة (413) حيث ذكر المؤلف أن الإذاعة عموماً كانت من مصادره الثقافية، ثم أشار إلى أنه كان قد وصل إلى جدة بعد رجوعه للمملكة، وتحدث عن علاقته بإذاعة جدة ثم بإذاعة الرياض. وأبو بدر رحمه الله عمل مذيعاً بشكل رسمي في إذاعة الرياض في سنواتها الأولى، وكان يعد ويقدم البرنامج اليومي (حديث الشفق) والبرنامج الأسبوعي (ندوة الرياض) وبعد أن ترك وظيفة الإذاعة استمر في التعاون مع الإذاعة. وكان من بين نشاطاته إعداد برنامج السهرة الأسبوعي (موضوع في ساعة) وهنا.. لي وقفتان: 1 - أوصي بمطالعة كامل السيرة التي تم سردها بأسلوب أدبي رشيق، لأن المحطات التي عبرها الأستاذ عبد الله الشهيل من طفولته إلى مراحل دراسته وشبابه كانت متنوعة وثريّة، تنقلت بين عدة مدن وعدة دول وعدة مجتمعات وثقافات. ويسترعي الانتباه ذكر التفاصيل التي عاشها بدقة حتى لو كانت قديمة، ولا أدري هل هذا راجع لحدة الذاكرة، أم أنه كان يدوّن الذكريات في حينه كم كان يفعل الدكتور عبد العزيز الخويطر رحمه الله؟ 2 - الأخ العزيز أبو بدر رحمة الله عليه كان يتمتع بثقافة عميقة وأخلاق عالية، كما أنه إلى جانب ذلك يمتلك فضيلة الوفاء الحميدة، ومن أدلة ذلك ما دوّنه عن الإذاعة والإذاعيين في كتابه. ولكن المؤلم أن هناك من تعاون مع الإذاعة بشكل أطول من الأستاذ الشهيل وهناك من خدمتهم الإذاعة مادياً وإعلامياً، لكنهم مع بالغ الأسف لا يذكرون ذلك ولا يتطرقون إليه، مع أنهم يشيرون إلى ما هو أقل من ذلك على سبيل الإطراء والثناء، وينسون ما يتعلق بالإذاعة. وهو أمر يجعل الإنسان يحتار في تفسيره. رحم الله الأستاذ عبد الله محمد الشهيل.