قال خطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي في خطبة الجمعة: لنعتبر بمرور الليالي والأيام، وانقضاء الشهور والأعوام، فكل عام يمضي، يُباعد المرء عن دنياه ويقربه من آخرته، ومن مات قامت قيامته وقد خلق الله تعالى عباده حنفاء، فأغوتهم الشياطين، فأرسل سبحانه رسله، مبشرين ومنذرين، ومذكرين بأيام الله وعهده وميثاقه. وأضاف: وفي كل نبي يبعثه الله تعالى، ينذر قومه ويبشرهم، ويذكرهم بأيام الله، يذكِّرهم بأيام الله التي مضت، بما فيها من العبر والعظات، يذكِّرهم بأيام الله، ماذا فعلت بقوم نوح وعاد وثمود، وأصحاب مدين والمؤتفكات، يذكرهم بأيام الله، في الذين بدلوا نعمة الله كفرا، وأحلوا قومهم دار البوار. وأكد على أن نعم الله تعالى على عباده، لا تعد ولا تُحصى، فكلُّ لحظة فيها نعمة، وكل نَفَسٍ فيه نعمة، فكلُّ خيرٍ يحوزه العبدُ، هو من نعم الله عليه، وكل شر يصرفه الله عنه، هو من نعم الله عليه، وأعظم نعم الله تبارك وتعالى على عباده، نعمة الإسلام، ونعمة الهداية والاستقامة، والإقبال عليه جلّ في علاه. وقال: إن من أيام الله العظيمة، اليوم العاشر من شهر الله المحرم، أنجى الله فيه موسى عليه السلام وقومه، وأغرق فرعون وجنوده، والله تعالى يحب من عباده، إذا أنعم عليهم بنعمة أن يشكروه عليها، فصامه موسى شكرا لله، ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، رأى اليهود يصومون يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟"، فَقَالُوا: "هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ"، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ"، فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. وأشار إلى استحباب صيام يوم عاشوراء، طلبا لعظيم موعود الله جل وعلا، الذي أعده للصائمين، ففي صحيح مسلم، رغب صلى الله عليه وسلم في صيامه فقال: "صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ"، والسنة في صيام عاشوراء، صيام اليوم التاسع مع العاشر، وإن يوم عاشوراء يوم اجتماع الكلمة، وتوحيد الصف، ويوم المحبة والمودة لأهل الإيمان، ولو اختلفت أنسابهم ولغاتهم، بل ولو اختلفت الأزمنة والأمكنة، فبصيام عاشوراء، يتذكر المسلم، ذلك الحدث التاريخي العظيم، يوم فلق الله البحر لموسى عليه السلام وأتباعه، والأنبياء بعضهم أولى ببعض، فربهم واحد، وأصل دينهم واحد، ويدعون إلى عبادة إله واحد، وأمة محمد صلى الله عليه وسلم أولى الأمم بأنبياء الله تعالى، من أقوامهم الذين كفروا بهم وكذبوهم.