كانا بمثابة الصندوقين الأسودين لطائرة مُحطمة، كان لديهما الكثير والكثير من الأسرار الكبيرة، كانت حياتهما ستكشف خيوطًا من المؤامرات الدنيئة التي دامت أكثر من عقد من الزمن، كان لأحدهم في مقتلهما مصلحة ودور عظيم. إنهما الزعيمان الليبي معمر القذافي واليمني علي عبدالله صالح، الأول تشابكت خيوط التآمر معه كثيرًا، وسعى مع عدة أطراف تكره الخير والسلام، وتحب الشر والخراب لتنفيذ عدة أعمال إرهابية، تستهدف بالدرجة الأولى المملكة العربية السعودية، أهمها القضية الشهيرة والفاشلة لاغتيال الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - غفر الله له -، وكانت تلك العملية نتاج حقد دفين ربض في قلب القذافي منذ توبيخه من قبل الملك عبدالله في القمة العربية بشرم الشيخ عام 2003م بعد تجاوز القذافي أثناء إلقائه كلمته، وحديثه بغير علم بقصد الإساءة للمملكة، وحينها قاطعه الملك عبدالله ولقنه درساً في السياسة والتاريخ والأدب، وجعل منه مادة للتندر، ولأن ذلك كان بحضور ملوك ورؤساء وزعماء الدول العربية والوفود المرافقة، وعلى مرأى من الجميع عبر قنوات التلفزة؛ فقد كان ذلك مؤلمًا وموجعًا للقذافي، ولو كان ذا عقل لطلب المغفرة عن سوءٍ تلفظ به فاه لكنه أبى واستكبر ثم ذهب يبحث عن أعداء المملكة في كل مكان، يضمر شرًا، وينوي إرهابًا وخرابًا، وكان لأمير قطر آنذاك ورئيس وزرائه دور كبير في التخطيط والدعم المادي كعادتهما مع أي مشروع يهدف للتخريب والتدمير، إذ يتسابقون للمقدمة دائمًا حبًا في الشر ورؤية الدمار والدماء. تحالف القذافي مع كل الأشرار لتنفيذ عملية الاغتيال فكشفهم الله وأخزاهم، وفي آخر خطاب متلفز للقذافي إبان ثورة الشعب الليبي التي أطاحت به وبحكمه ومزقت كتابه الأخضر وجردته من تلك الألقاب التي كان يسمي نفسه بها، ويطرب لسماعها مثل إمام المسلمين، وعميد الحكام العرب، وملك ملوك أفريقيا قال القذافي في ذلك الخطاب معاتبًا قطر وصديقه الغدار لئيم الطباع "هذه آخرتها يا قطر هذه الأخوة التي بيننا وبينكم، بدلاً من أن تكونوا معنا تكونوا ضدنا، قد تندمون يوم لا ينفع الندم، الذي بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة.. من أنتم؟!!" مرت هذه الكلمات على أسماع العامة كمثيلاتها من كلمات القذافي، مادة دسمة للضحك كالعادة دون أن يركزوا فيها ويتعمقوا في معناها وما تحمله من خفايا وأسرار لا يعلمها إلا رجال السياسة من المتآمرين مع القذافي أو من المطلعين على أسرار هؤلاء الشرذمة القليلون والحالمون على قطر حتى إذا بلغ الحلم منتهاه والصبر أوجه كان الذي نشهده اليوم من المقاطعة وانحشار قطر في زاوية صغيرة وكشف المستور وإعلان الحقائق وتسمية الأشياء بمسمياتها. قُتِل القذافي بعد القبض عليه في سرت شر قتْلة بعد تعذيب شديد بعد أن وقع في أيدي الثائرين ولو بقي حياً لكشف كثيرًا من الأسرار التي بدأت تظهر تباعًا خلال السنوات الماضية، مات وماتت معه الكثير من خطط التآمر والإرهاب، لم يقتله الثوار فقط بل إن دولاً كبرى صرحت بقتله خشية ما لديه من أسرار وفضائح قد تأتي على كبار مسؤوليها، كما كان لدولة قطر مصلحة في مقتله وأفتى قرضاويهم بقتله؛ كل ذلك خوفاً من كشف سلاسل التآمر والإرهاب. أما الزعيم اليمني علي عبدالله صالح فقد قتل هو الآخر على أيدي الميليشيات الحوثية وكان قد ظهر في أكثر من حوار عقب تنحيه عن السلطة في اليمن وقال ذات مرة "قطر متآمرة على الأقطار العربية وهي على تواصل مع القاعدة" وزاد على ذلك أن لديه معلومات خطيرة وألمح إلى أن اليمن ليس هدفًا للقاعدة!! مقتل القذافي وعلي صالح لن يخفي الحقائق أبدًا، فالحق يظهر دائمًا مهما حاول العابثون إخفاءه، والحمد لله الذي مكن المملكة وقيادتها من كشف مؤامرات الأعداء، ونسأل الله أن يحفظ هذا البلد وقادته وشعبه وأمنه ورخاءه.