كانت تركيا بقيادة التاجر أردوغان على وشك تحرير القدس لكن أردوغان قرر تأجيل الموضوع ليكون بعد احتلال ليبيا. وبهذا (وكالعادة) تغلبت الأهداف التجارية على المبادئ. وكان حزب الله قريباً من تدمير إسرائيل لكنه تذكر أن ذلك يمر عبر تدمير لبنان. يساعد حزب الله الخائن لبلده إيران على احتلال بلد عربي (لبنان) كخطوة ضرورية في الطريق لتحرير البلد العربي (فلسطين)!، وكانت دولة قطر (العظمى) قاب قوسين أو أدنى من تحرير فلسطين لكنها كانت مشغولة بتمويل احتلال البلد العربي ليبيا من قبل تركيا. كما اكتشفت أنها ستفقد المتاجرة بالقضية فاتجهت إلى إحداث الانقسام بين الفلسطينيين وتمويل هذا الانقسام لإطالة أمد القضية، واستخدام الإعلام المدمن على الكذب لإبراز قطر كأبرز داعم لقضية فلسطين! المؤسف أن البعض صدّق هذه الكذبة، أو يسترزق من تصديقها! المتاجرون بالقضية كثر، ومنهم المستعمرون الجدد تركياوإيران. الدول العربية وقفت مع قضية فلسطين منذ بدء الاحتلال. هي محور القضايا العربية والموضوع الأول في جدول أعمال كل المؤتمرات العربية. دعم في المواجهات العسكرية، وفي مسارات السلام، دعم مادي وإعلامي وسياسي متواصل مهما كانت التقلبات والمواقف السياسية. أما الخطاب السياسي الفلسطيني فهو لا يقف ضد المستعمرين الجدد، لا يرفض ولا يندد ولا يستنكر التمدد التركي والإيراني في البلاد العربية. هذا الخطاب غارق في الازدواجية. يتفاوض مع إسرائيل، ويرحب بالسلام معها، ويصفق لتوقيع الاتفاقيات ومعاهدات السلام، ويرحب بعلاقات حميمة وقوية بين إسرائيل والمستعمرين الجدد، ثم يشن حملة تخوين ضد دول عربية ترفض المتاجرة بفلسطين من دول تنتهك سيادة دول عربية، مع رد فعل فلسطيني صامت! المملكة دولة قيادية في دعم قضية فلسطين.. تقف معها في كل الظروف، تدعم ما يتفق عليه الفلسطينيون، تعمل وعملت الكثير من أجل وحدتهم وقدمت مبادرة سلام اتفق عليها العرب في قمة بيروت. أما المتاجرون بالقضية فيعملون على إحداث الانقسام بين الفلسطينيين. وينخدع الشارع الفلسطيني بشعارات المتاجرين بالقضية، الذين يجيدون صناعة الخطابات الحماسية وليس لهم علاقة بشيء يسمى (العمل الحقيقي). يستسلم الشارع الفلسطيني للحملات الإعلامية الصاخبة التي تحرر فلسطين عبر القنوات التلفزيونية بأسلحة الشتم والبذاءة وأسلوب التخوين. ينقسم الفلسطينيون ويفاوضون ويتراجعون ويفرّطون بفرص كثيرة، ويسقطون أسباب الفشل على الدول العربية، وخصوصاً على أكثر الدول دعماً لقضيتهم. يطول أمد القضية برغبة المتاجرين بها، وتستمر التغطية على هذه المتاجرة بالشعارات الثورية، وتخوين الدول (يا للغرابة) التي (تدعمها). خطاب المتاجرة بقضية فلسطين كان ولا يزال كارثة على فلسطين، لأنه خطاب يمجّد الصراخ والشعارات الفارغة، يمجد الفشل ويسقط أسبابه على الآخرين. تتزعم تركياوإيران ونظام قطر الممول هذا الخطاب الذي يتلخص في محاربة إسرائيل بالشعارات، والتعاون معها بطرق سرية في مجالات متعددة، ومن هذه الطرق التي تخدم إسرائيل إحداث الانقسام بين الفلسطينيين، وتشغيل آليات إعلامية ضد الدول التي تدعم فلسطين بالمواقف الفعلية الصادقة وتسعى بجدية وإخلاص لحل الأزمة من خلال سلام عادل شامل تحت مظلة دولية. إذا لم تنتصر بالحرب، يمكنك أن تنتصر بالسلام والعمل والتنمية. المنطقة الرمادية جمود وغياب رؤية.