المركز الوطني للتمور والنخيل عليه أن يسعى للتعاون مع أكثر من 157 مصنعاً لإنتاج التمور لكي يطور تقنيات التصنيع والإنتاج لأن معظم هذه المصانع تقوم بالتعبئة والتغليف فقط، وليست مصانع غذائية متكاملة النخلة شعارنا الذي نعتز به في كل مناسباتنا في بلادنا المملكة، تذكرنا دائماً بالخير والحيوية والنماء والصبر في صحرائنا القاحلة، لها قيمة اعتبارية في تراثنا، فثمارها من الرطب والتمر هي أول طعام يقدم للضيف عنواناً للترحيب والكرم الذي تتميز به بيوتنا. هذه الشجرة تتمتع بدرجة عالية من التكيف والصمود في المناخ الشديد الحرارة، والتربة الرملية الجافة، تقف مرتفعة شامخة تعانق عنان السماء لتعبر عن مدى الفخر الذي نشعر به حينما نراها. هذه النخلة وبما تمثله من تاريخ مليء بالكفاح والصبر أيام الجدب والفقر، من الطبيعي أن نهتم بها ونحرص على تنميتها وتطويرها. وحينما نقرأ عن مهرجانات التمور في بريدة وعنيزة والأحساء وغيرها من مدن المملكة نعرف مدى الإنتاج الضخم الذي تمتع به المملكة من هذه المادة الحيوية، حيث يتوفر في المملكة ثروة زراعية ضخمة من أشجار النخيل يفوق عددها 30 مليون نخلة تنتج أكثر من 1,5 مليون طن من أصناف التمور المتنوعة، مما يؤهلها لتكون البلد الأول في العالم لصناعة التمور. ومع هذا الإنتاج الضخم، إلا أن كثيراً من المزارعين لم يفكروا في الاستفادة من الكميات الكبيرة التي تنتجها النخيل في التصنيع، فتكون النتيجة أن تضيع آلاف الأطنان من إنتاجهم بعد انتهاء موسم التمور القصير، حيث إن من أهم الصعوبات التي يعانيها مزارعو التمور هو كيفية تحصيلها، فتبقى في أشجارها ويتلف معظمها، مما أضر بالكثير من المزارعين، مع أن التمور يمكن أن تكون مادة أولية حيوية في الكثير من الصناعات، فالتمور تعادل وإن كانت بدرجة أقل البترول لو استطعنا استغلال الإنتاج الوفير منها. تتميز التمور في المملكة بتعدد أنواعها، واختلاف مذاقها، فلماذا لا نفكر في ابتكار وسائل حديثة لتحصيل وقطف التمور حرصاً على عدم ضياعها؟ ولماذا لا نفكر في إدخالها في صناعات جديدة خلاف ما تعودنا عليه من الصناعات التقليدية مثل كبس التمر، أو حفظه، أو صناعة الشوكولاتة، أو تصنيع معمول ودبس التمر منها؟ التمور ثمرة ذات قيمة عالية، لما تحويه من عناصر غذائية مفيدة للجسم وعالية المحتوى من السعرات الحرارية مقارنة بأنواع الفواكه الأخرى، كما أنها مصدر جيد للمعادن كالحديد والبوتاسيوم والكالسيوم، وقليلة المحتوى من الصوديوم، والسكريات الموجودة فيها سكريات أحادية (الجلوكوز والفركتوز) ولذلك فهي سهلة الهضم والامتصاص، إضافة إلى محتواها الجيد من الألياف الغذائية، هذا خلاف احتوائها على فيتامينات (ب و أ) والبروتينات. ولهذا يمكن أن تدخل في صناعات غذائية مختلفة، فهي مادة غذائية متكاملة، فلو أضفنا إليها بعض المواد الأخرى لتفوقت على كثير من المنتجات الغذائية التي نقرأ عنها كثيراً بأنها مواد صحية، فقد تساعد في إنقاص الوزن والمحافظة على الصحة. كل هذه المعطيات تستلزم الاهتمام بالنخلة ومنتجاتها من التمور خاصة مع تقدم تقنية الصناعات الغذائية، فمن الممكن مثلاً أن يصنع منها مادة بديلة للسكر، وصناعة زيت النخيل، ومسحوق التمر، كما يمكن إدخالها في الكثير من الصناعات الغذائية والكيميائية كصناعة الخل، والكحول الطبي، وخميرة الخبز، والبروتين المركز، وحامض الليمون، وصناعة الألبان، وزيوت النوى، وأغذية الأطفال، فضلاً عن الأعلاف الحيوانية، هذا خلاف العديد من الحرف والصناعات التراثية التي تستخدم فيها أجزاء من النخلة. نعرف أن المركز الوطني للتمور والنخيل الذي تم إنشاؤه عام 1432 يهتم بالنخيل ويحرص على تنمية وتطوير زراعتها، ويسعى إلى تحقيق الكفاءة الإنتاجية، وتطوير تسويق التمور محلياً وعالمياً، وتشجيع الصناعات التحويلية، ورفع مستوى جودة وسلامة منتجات التمور. وجميع هذه الأهداف الجميلة بحاجة إلى تفعيل ومتابعة ودراسات بحثية علمية مركزة بالتعاون من وزارة البيئة والمياه ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وجامعاتنا التي تحتضن الآلاف من المتخصصين في هذا المجال، فلا يكفي أن يطلق المركز علامة التمور السعودية، والمواصفات القياسية الاسترشادية للتمور السعودية، ولكن المركز بحكم تخصصه مطالب أكثر بمعالجة المشكلات التي يعانيها المزارعون في تحصيل الإنتاج، ومحاربة سوسة النخيل التي فتكت بعشرات الآلاف من النخيل ولم نجد لها حلاً ناجعاً حتى الآن، كما أن عليه أن يسعى بالتعاون مع أكثر من 157 مصنعاً لإنتاج التمور لكي يطور تقنيات التصنيع والإنتاج لأن معظم هذه المصانع تتولى التعبئة والتغليف فقط، وليست مصانع غذائية متكاملة. ولاننسى أخيراً أهمية التمور في تحقيق الأمن الغذائي الذي نتحدث عنه كثيراً، ويعد أحد الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030، فلا شك أن النخلة وإنتاجها يعدان من وسائل تحقيق الأمن الغذائي في بلادنا.. عاشت أمنا النخلة.