بالرغم من ضخامة خفض إنتاج النفط التاريخي في صفقة تحالف أوبك+ التي ألزمت خروج 10 ملايين برميل يوميا من السوق ما يعادل 10% من الطاقة العالمية لإنتاج البترول للثلاثة أشهر الماضية، والتي شكك المشككون بقدرة التحالف على إنجازها نظراً للفارق الهائل مع حجم الاتفاقية السابقة التي كانت تلزم خروج 1,2 مليون برميل قبل انهيارها، إلا أن التحالف الذي إعادت إحياؤه المملكة يثبت مجدداً مدى قدرة أعضاء من 23 دولة من كبار منتجي النفط في العالم على التقيد والتكيف مع مستوى التخفيضات على مدى عامين حتى وإن كانت كبيرة في حس دولي مشترك ما يجسد الأهداف النبيلة التي تصبو إليها المملكة في سياستها البترولية الجديدة التي تركز على الوحدة والتضامن بين كافة الدول المنتجة للنفط من أوبك وخارجها للعمل المشترك لحل قضايا السوق البترولية التي يغلبها الاضطراب. وهذا ما أكده وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في الاجتماع الوزاري الحادي والعشرين للجنة المشتركة لمراقبة خفض الإنتاج الذي تستضيفه المملكة شهرياً، وعقد الأربعاء عبر البث الإلكتروني، حيث قال سموه "بعد الاتفاق على أكبر خفض في التاريخ في أبريل الماضي، حققت أوبك+ مستويات غير مسبوقة من الامتثال عند 97 في المئة، بعد أن حقق العديد من المشاركين مستويات قياسية من الامتثال"، فيما شدد أعلى روح التصميم والتعاون والتفاهم المتبادل، لمواجهة التحدّيات غير العاديّة، التي يمثّلها فيروس كورونا، مذكراً العالم الآن بالقوة الفاعلة التي تقودها أوبك+ لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط وصناعة الطاقة والاقتصاد العالمي. وأعرب سموه عن ارتياحه والمجتمع الدولي "للتحسن الكبير في أساسيات أسواق النفط العالمي للثلاثة أشهر الماضية، ممّا يؤكّد أنّنا على الطريق الصحيح"، ملفتاً إلى أن "هناك إشارات مشجّعة" على أن الطلب على الطاقة يتعافى، معززاً باستمرار فتح اقتصادات العالم بعد إغلاق الجانحة. إلا أن سموه تفاءل بالتقديرات التي تشير إلى قدرة العالم بلوغ 97% من الطلب على النفط من مستويات الطلب ما قبل انتشار الوباء، خلال الربع الأخير من 2020، ما يعكس انتعاشًا كبيرًا من الانخفاضات الهائلة في أبريل ومايو 2020". وحث الأمير عبدالعزيز بن سلمان وأوصى بضرورة تحقيق الالتزام الكامل باتفاقية خفض الإنتاج المشترك في صفقة أوبك+ التاريخية حتى نهاية الاتفاقية في أبريل 2022، مؤملاً سموه أن يؤدي ذلك ليس فقط إلى تسريع إعادة التوازن لأسواق النفط العالمية فحسب، بل يبعث أيضًا برسالة جادّة، مفادها أن هناك روحًا جديدة من التصميم والانضباط في مجموعتنا. وبحسب موقع "منصة الطاقة" بالولايات المتحدة حول الاجتماع ركز على إيجابيات أن الخفض الكبير في إنتاج أوبك+ بقدرة 9.7 ملايين برميل يوميًا، استهدف تقليص تخمة المعروض، وضبط أسعار النفط التي انخفضت إلى مستوى متدنٍّ، دون ال16 دولارًا للبرميل. ومنذ مطلع شهر أغسطس الجاري، بدأت دول أوبك+ في تخفيف قيود الإنتاج إلى 7.7 ملايين برميل يوميًا، ملفتة "منصة الطاقة" إلى علامات أخرى من تحسن النفط أشار إليها وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان تتمثل في انخفاض المخزونات العالمية، وهبوط المخزون النفطي العائم، وصولًا إلى التعافي السريع في الطلب على الوقود، مثل البنزين والديزل، في العديد من البلدان، بما في ذلك السعودية. ونبهت "منصة الطاقة" لتأكيد وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان على أن خفض الإنتاج، والالتزام بقيود خفض الإنتاج، وتعويض النقص لدى بعض الدول في الوصول لمستويات الإنتاج المتّفق عليها، تعدّ أبرز الأسباب التي جعلت أسواق النفط تشهد مزيدًا من الاستقرار. مشدداً سموه "على نفس القدر من الأهمّية، فقد اتّفقنا، وبدأنا في تنفيذ جدول مفصّل للتعويضات عن الإنتاج الزائد، خلال الأشهر الماضية"، مضيفاً يجب أن "نسعى إلى وضع نظام التعويض المؤقّت هذا وراءنا، من خلال التخلّص من كلّ فائض الإنتاج السابق، بنهاية سبتمبر المقبل". ويشار إلى أن العراق تؤدي دوراً فاعلاً في دعم التحالف حيث وبعد أن تعهدت مسبقاً وتحديداً في يوليو الماضي بأن البلاد سوف تلتزم بحصص الخفض المقررة لها من قبل تحالف أوبك+ بقدرة 850 ألف برميل يوميا اعتباراً من شهر أغسطس الحالي، ها هو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، العراق يؤكد بقدرته التقيد بنسبة الخفض الملزم بها، إضافة إلى إجراء تخفيضات أخرى تعويضية عن زيادتها في الثلاثة أشهر الماضية من مايو إلى يوليو بمقدار 400 ألف برميل يوميا تضاف لشهري أغسطس وسبتمبر ليصل إجمالي خفض الإنتاج العراقي إلى 1,25 مليون برميل يومياً. الأمر الذي اعتبره الأمير عبدالعزيز بن سلمان دفعة مطمئنة ليحقق تحالف أوبك بلس هدفه الأسمى في التعاون الدولي المشترك لخفض إنتاج النفط لإعادة استقرار توازن العرض والطلب في السوق البترولية الدولية وانتعاش النفط الذي اشتدت معاناته لحد الانهيار منذ بزوغ أزمة كورونا مطلع 2020، وكان سموه قد أعرب عن شكره وتقديره للعراق لمحاولتها الجاهدة مشاركة المجتمع الدولي في خفض انتاج النفط لدعم إعادة الاستقرار للاقتصاد العالمي، مثمناً في حديثه الهاتفي مع نظيره العراقي إحسان عبدالجبار إسماعيل حرص العراق لأن يكون لاعباً رئيساً فعالا في كبح إنتاجه النفطي بما يتفق وصفقة أوبك+ التاريخية التي أدت ولا تزال تؤدي دوراً الحاسم في ضبط إيقاعات وسيفونيه أسواق النفط الخام العالمية.