مما لا شك فيه أن الانفتاح على الثقافات الأخرى يُعمق فهم الإنسان للعالم ويخلق تجربة إنسانية فردية من نوعها، الإنسان الفضولي يعشق سبر أغوار المجهول والغوص في ثقافات العالم المتنوعة بحثاً عن نشوة الذهول. ويتجلى حب أميمة الخميس في مشاركة هذه النعمة مع قرائها في رواية «زيارة سجى» فالرواية تفيض وتزخر بالخيالات المستوحاة من ثقافات العالم الواسع، فنجد جنا من أبناء الهواء، و»سجى» الكائن الكوني الذي يسافر عبر الأزمنة والأكوان بين المجرات وبلاط النجوم دون بطاقة هوية فلا هي أنثى ولا هو ذكر، ويروي لنا الأحداث من منظوره الاستثنائي، وأسلاف يعيشون بين أبطال القصة على هيئة أشباح، وأطفال يرسمون ملائكة بلا رؤوس لا يكبرون ولا يفنون وأصابعهم لا تتسخ بالطباشير، وهناك الهالة الأثيرية أو النورانية الملونة التي تحيط بأجساد الشخصيات وتتغير ألوانها بحسب خواطر وأفكار الشخصيات. ويعتبر مفهوم الشاكرات جزءاً من أفكار معقدة مرتبطة بالتشريح الروحاني وعدة تقاليد فلسفية فعندما يشعر المرء بالسعادة تصبح هالته أكبر وأكثر إضاءة أما في حالة الحزن فإنها تتضاءل باستخدام فكرة الهالة الأثيرية. ابتدعت أميمة الخميس أسلوبًا خلاقًا لعرض مشاعر الشخصية وحالتها النفسية دون الحاجة للشرح والإسهاب الممل، باستخدام الألوان فقط تضئ الكاتبة خيالاتنا لمعرفة أسرار وخواطر الشخصية وهواجسها فعندما تتلون هالات الشخصيات في الرواية نبدأ بالتساؤل ونتوق لمعرفة السبب وراء هالته ولونها، وعندما تحتشد الهالة حتى تصبح كتلة على ظهر الشخصية فهي إشارة واضحة لعدم اتزان هذه الشخصية. فالكتابة أعربت عن معاني بعض الألوان، بينما لم تصرح ببعض ولكن القارئ يستشف المعنى من مواضع ذكره، فنلاحظ حضور ثلاثة ألوان بكثرة في الرواية وهي الأحمر، البرتقالي والبنفسجي في مواقف مختلفة فمثلا عندما كانت «هند» تفكر بطريقة لتهريب «سلطان»، تخبرنا باحتدام طاقات الأثير الأحمر والبرتقالي حولها، «منذ عدة أيام الهواء الأثيري حول لونه أحمر وتخالطه نقاط برتقالية لونا العشق، وعندما لم تنجح فكرة تهريبه بسلم من نافذتها تصف لنا الموقف فتقول «يبدو أنها تحاول أن ترى إن كان من الممكن للسلم أن يصل إلى الأرض لكنه لم يصل أعادته وبدت عليها الخيبة وخفتت هالة البرتقالي حولها»، وفي تلك الليلة تتساءل «سجى»، «لا أدري هل الليلة هي ليلة فرقعات الألعاب النارية البنفسجية والبرتقالية» ونلاحظ بعدها النشاط الروحي وتأملها للكون ومحاولة تواصلها بالدعاء. فتتسأل «أرى برجي المملكة والفيصلية ساطعين من فوق السطح وقد أضاءا أنواراً خضراء هل هي الإشارة الكونية لي كي أنطلق؟ هل الدرب سالكة يا الله؟ «، وتقول في موضع آخر عندما وجدت مفتاح الباب الخلفي الذي ستُهرب منه «يقولون عندما تسعى إلى أمر وتضعه بين عينيك بكل الوجد والتوق، فإن احتدامك يجعل الكون كله ينهض ليساعدك ويدعمك»، «أدرت المفتاح مرتين بالباب ووجدته ينفتح بسلاسة وطواعية، علامة الموافقة الإلهية هي التسهيل يا إلهي كن معي. غلاف الرواية