نشهد يوميا الحديث عن الأزمة الراهنة بين شركة «بايت دانس» الصينية مالكة تطبيق التيك توك والحكومة الأميركية وما اعتبرته الأخيرة أن التطبيق يمثل تهديداً للأمن القومي بانتهاكه لخصوصية بيانات مستخدميه وأنه جزء من شبكة تجسس للحكومة الصينية. فيما نفت شركة بايت دانس المزاعم الأميركية وأكدت أنه ليس لها صلة بالحكومة الصينية وأن البيانات التي يجمعها التطبيق أقل بكثير من بعض تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل (فيسبوك)، أزمة التيك توك ليست فقط مع الحكومة الأميركية بل حتى مع كبرى الشركات الأميركية مثل أمازون وويلز فارغو حيث طالبت موظفيها بحذف التطبيق.. أزمة التيك توك تخطت الحدود الأميركية حيث قامت الهند بإيقاف التطبيق مع 58 تطبيقاً صينياً أخر. وتطبيق التيك توك عبارة عن منصة اجتماعية لمشاركة ونشر مقاطع الفيديو، حسب موقع Business of Apps المختص بإحصائيات التطبيقات فإن التيك توك في المركز السابع لأكثر التطبيقات استخداماً ب 800 مليون مستخدم نشط حول العالم شهرياً منهم 100 مليون مستخدم أميركي. على الرغم أنه لا يوجد في أميركا قانون فيدرالي يحمي خصوصية البيانات إلا أن عدداً قليلاَ من الولايات أصدرت قوانينها الخاصة بحماية المستخدم مثل ولاية كاليفورنيا وولاية نيفادا وولاية ماين، وما زالت بقية الولايات تشق طريقها عبر الهيئات التشريعية لإصدار القوانين اللازمة. أما دول الاتحاد الأوروبي فقد أصدرت اللائحة الأوروبية لحماية البيانات أو ما يعرف بGDPR والذي يمنح مواطني الاتحاد الأوروبي الحماية والخصوصية لبياناتهم سواء داخل دول الاتحاد أو خارجه، ووضعت غرامات عالية قد تصل إلى 4 ٪ من مبيعات الشركات على أي مخالفات أو خرق للائحة. والمقصود بالبيانات هنا هي البيانات الشخصية التي تجمع أو تعالج أو تخزن من قبل الشركات، وتتضمن اللائحة حق الوصول والاطلاع على البيانات والموافقة والقبول بحفظ ومعالجة البيانات والحق بحذف البيانات من خوادم الشركة وغيرها من الحقوق، وتعتبر لائحة GDPR صارمة وأشمل من غيرها من القوانين واللوائح. ومن هنا أخذت الجهات الحكومية في السعودية حماية خصوصية بيانات المواطن موضع اهتمامها عبر عدة مبادرات بحسب اختصاص الجهة، بدءا بإطلاق خدمة بياناتي من قبل الأحوال المدنية في العام 2012 والتي تمكن المواطن من تفويض الجهات بالاطلاع على بياناته الشخصية. وتكاملاً للجهود المبذولة بتوفير البيئة اللازمة لسلامة البيانات وهو عنصر مهم من عناصر أمن المعلومات، عملت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني التي أنشئت عام 2017 بوضع الأطر والضوابط اللازمة لذلك، ولم تقتصر جهود الهيئة على ذلك بل امتد عملها لنشر التوصيات كإصدارها إرشادات الآمن السيبراني للتجارة الإلكترونية. مروراً بإصدار نظام التجارة الإلكترونية في العام 2019 من قبل وزارة التجارة وإدراج حماية بيانات المستهلك الشخصية ضمن مواده، خاصة بعد النمو الكبير لهذا القطاع وما تبعه من زيادة أعداد المتاجر الإلكترونية حيث وصل عدد المتاجر الإلكترونية 55 ألف متجر بنهاية الربع الأول من 2020. واستشعاراً من الدولة بأهمية البيانات تم إنشاء هيئة مختصة بالبيانات، ففي العام 2019 تم إنشاء هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي كهيئة مشرعة تُعنى بالبيانات والذكاء الاصطناعي والتي يقع على عاتقها تحد كبير بإنشاء نظام ولائحة شاملة تتخطى جزئية التجارة الإلكترونية لتشمل حماية خصوصية البيانات التي تستخدم من قبل تطبيقات التواصل الاجتماعي كالتيك توك والسناب شات والواتس آب وغيرها من التطبيقات والمواقع الإلكترونية على غرار GDPR. * باحث أكاديمي ومختص في الأمن السيبراني