عندما نسمع كلمة إدمان أول ما يخطر على بالنا المخدرات وما شابهها، وهذا ليس بالأمر الهين ولكن مع الأسف الإدمان لا يقتصر على ذلك، فهناك إدمان أخطر وأصعب، وأكثرنا لا يعي مخاطره وهو إدمان الأشخاص، هو أن نتعلق بأحدهم لدرجة أننا لا نتخيل أبداً الحياة بدونه، وهذا النوع يسبب ألماً نفسياً شديداً لصاحبه، وقد أكد ذلك الكثير من الأطباء النفسيين. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية فإن الطريقة التي يعمل بها دماغ الإنسان لكي يصبح مدمناً على شريك حياته، تشبه الطريقة نفسها التي يعمل وفقها الدماغ ليكون مدمناً على المخدرات أو بعض الأطعمة. إدمان الأشخاص ليس حالة جديدة بل موجودة منذ الأزل، وسمعنا الكثير من الشعراء والمغنيين يتغنون بالكثير من تلك العناوين التي تربط التعلق الشديد بالحبيب بالإدمان. التعلق بالأشخاص خطير من حيث أنماطه وسلوكياته وآلياته الدماغية، فالكثير من المؤشرات التي تدل على ذلك، كأن تنظر إلى الشخص الذي تحبه على أنه كامل ومثالي وخالٍ من العيوب وأنه لا يمكن أن يوجد شخص آخر بتلك المواصفات. وعندما تشعر بالخوف الدائم يبقى هاجسك الأهم هو انتهاء تلك العلاقة، والكثير أيضاً من الأشياء التي تدل على دخولك في حالة إدمان إن لم تلاحظها مبكراً سيكون من الصعب عليك التخلص منه. عندما تدمن شخصاً معيناً تتمحور حياتك بكاملها حوله، ما يؤدي إلى تضييق أفقك، ويجعلك هذا الأمر إنساناً فاشلاً لا يحاول التقدم في حياته، ويعيق وجود هذا الشخص تحقيق أحلامك وطموحاتك، فدائماً ما يشغل تفكيرك هو فقط، فتحرم نفسك من أي مجال للتفكير الإبداعي الذي من شأنه أن يطور من ذاتك، فيتوقف نمو شخصيتك اجتماعياً وثقافياً ومهنياً أيضاً، ناهيك عن - وكما ذكرت سابقا - أن من علامات إدمانك لهذا الشخص هو عطاؤك اللامتناهي له دون مقابل ودون وجود شيء متبادل، وهذا الجانب يؤثر على احترامك لذاتك مستقبلاً، فتنعدم بالتالي ثقتك بنفسك وبمن حولك. لا تسمح لنفسك أن تسلك طريقاً من اتجاه واحد فكما تعطي من المشاعر والأحاسيس لابد أن تتأكد أن يقابلك الشخص الآخر بنفس الشيء، ويكون ذلك من بداية علاقتكما، لأن البداية وشكلها هما اللتان تحددان مسار تلك العلاقة. ثق تماماً أن كل شخص في حياتك هو جزء منها وليس محورها، اهتم بنفسك وطور من شخصيتك لأجلك أنت وليس من أجل أي مخلوق على وجه الأرض، مارس هواياتك وتعلم مهارات جديدة تشغلك وتنمي وتطور من ذاتك في نفس الوقت. الحل الأول والأمثل للعلاج هو الاعتراف أولاً بوجود مشكلة ثم البحث عن حلول لتلك المشكلة، اعتمد على نفسك لتشفى، وإن استصعبت ذلك لا تتردد بزيارة طبيب نفسي، ولكن لا تستسلم أبداً، فلنفسك عليك حق.