المرأة تحظى وتجد الاهتمام بها من قبل المجتمعات الإنسانية التي تقوم بالسعي لكي تنهض وتطور من نفسها، وذلك لأن المرأة لها فاعلية كبيرة في الموقع التي تتواجد به، وكذلك لأن لديها المقدرة على أن تُنشئ أجيالا واعدة على الأخلاق وكذلك القيم والمثل العليا وبذلك فقد أصبح للمرأة في المجتمع مجموعة من الأدوار الفعالة والتي بدونها تصبح الحياة في المجتمع غير مستقيمة، أسهمت المرأة في بناء المجتمع وتطويره بشكل فعّال على مدار التاريخ وما زالت، مما يعني ضرورة احترامها وتكريمها حق التكريم، وضمان حقوقها في المجتمع بما يُحقق استقرارها المادي والنفسي ويحميها، ويحقق لها مطالبها ويرعاها. بدأت بوادر الانعكاس الإيجابي لمواقف المملكة الحكيمة بالنضوج والتبلور، لتُظهر انتصارات المرأة السعودية وإنجازاتها على مرّ التاريخ، فقد برزت تراكمات التأسيس لتعليمها وتمكينها من كل حقوقها، من خلال السعي المستمر إلى تطوير تعليم المرأة السعودية، بدءاً بإنشاء كتاتيب تعليم البنات في عدد من مدن وقرى السعودية بأمر من مؤسسها - طيب الله ثراه -، لتتوالى بعدها رؤى أبنائه الملوك في تأسيس المدارس والكليات والجامعات بمختلف التخصصات، إضافة إلى استفادة أعداد كبيرة من الطالبات من برامج الابتعاث التي تقدّمها وزارة التعليم للدراسات الجامعية والعليا في مختلف دول العالم. وتجلّى وضوح هذه المشاركة الفاعلة للمرأة السعودية في الحياة العملية أخيراً، مع تطبيق الرؤية الملكية السامية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله -. في الأعوام القليلة الماضية، شهدت المملكة العربية السعودية تطورات اقتصادية واجتماعية وثقافية، انعكست إيجاباً على مشاركة المرأة في المجال العام، فقد عكست رؤية 2030 إرادة سياسية لتطوير وضع المرأة، وتمكينها، ورفع مستوى مشاركتها الاقتصادية، والبناء على قدراتها ومعرفتها. شاركت المرأة السعودية في تنفيذ القرارات الاحترازية الحكيمة التي باشرت حكومة المملكة باتخاذها على التوالي منذ ظهور فيروس كورونا والتي أسهمت في رفع الوعي الصحي في المجتمع السعودي بين المواطنين والمقيمين، وبالتالي رفع الوعي لدى ربات البيوت والأسر، ليسهمن في حماية ووقاية الوطن من انتشار هذا الوباء، ملتزمات بالإرشادات والقرارات الاحترازية ومطلقات لها في منازلهن ومع أطفالهن وأسرهن، وانخرطت العديد من النساء في مجال التطوع للمساهمة مع قيادتها في مقاومة الفيروس، تخاطر معظم السيدات السعوديات بحياتهن لمكافحة تفشي فيروس كورونا في المملكة، وربما اختارت بعضهن أصعب المهن وأكثرها إنسانية للمساندة ولعب دور الجندي المجهول في معركة المواجهة ضد المرض، أمهات في المنزل وطبيبات وممرات استطعن إعلان التجنيد الإلزامي في ساحة المعركة ضد هذا الوباء، لحماية الوطن والعائلات. أهمية الدور الذي تنهض به المرأة السعودية في مجال نشر الوعي الصحي للوقاية من فيروس كورونا له أثر كبير، فمسؤوليتها لا تنحصر في مجال وقاية نفسها فقط، وإنما تمتد لتشمل وقاية أسرتها أيضًا، فالمرأة هي من تقوم بشكل أكبر في الحفاظ على صحة أبنائها وأطفالها من تغذية سليمة ورعاية صحية ونظافة شخصية لأبنائها وأسرتها، وهو ما يسهم في الحماية من هذا الفيروس. جاء في كلمة المملكة أمام المجلس التنفيذي لهيئة الأممالمتحدة للمرأة في دورته السنوية 2020 والتي ألقتها مؤخراً رئيسة اللجنة الاجتماعية والإنسانية والثقافية (الثالثة) بوفد المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة السكرتير أول الدكتورة شريفة الزهراني، تأكيد المملكة إشراك المرأة في اتخاذ القرار بشأن الاستجابة والتعافي إما من خلال إدارة حماية الأسرة في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ومن خلال دورها المتزايد في المؤسسات الخاصة، حيث تمثل النساء 25 % من الأعضاء المؤسسين للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، ومجالس البنوك، والغرف التجارية، أو من خلال الجمعيات الخيرية التي أسستها وتديرها النساء.