يبدو شهر يوليو ثقيلا على لبنان في نواح كثيرة ليس أقلها الحكم المتوقع صدوره خلال هذا الشهر عن المحكمة الدولية وما يلازم هذا الأمر من احتمالية امتناع لبنان عن سداد الدفعة المتوجبة عليه لهذه المحكمة ناهيك طبعا عن مسلسل الانهيارات الاقتصادية المتتابعة وعجز لبنان عن مواجهتها أو على الأقل التقليل من تداعياتها. ليس مقالي هذا من باب التذكير بالمحكمة الدولية التي دفع لبنان كثيرا من الدماء لأجل قيامها. ولست هنا لأتوقع أن الحكم الذي سيصدر خلال هذا الشهر سيصدر "إدانة أم براءة" للجهة المتهمة، لأن النهج المتبع يدلنا على أنّ الحكمَ سيكون رصينًا ومسبوكًا ومفندًا ومعددًا بالأدلة والبراهين التي تثبت مسؤولية المتهمين. لكن ما أجزم به هو أن القرار سيحمل تداعياتٍ داخلية مزلزلة في هذه الظروف الدقيقة والاستحقاقات الكبرى التي يواجهها لبنان وأنه سيكون حكماً قوياً ومستنداً إلى أدلة قاطعة لا مجال للتشكيك فيها أو تسييسها وسيقضى بإدانة المتهمين ولا يمكن لفريق الدفاع الطعن به أو استئنافه إلا إذا سلم المتهمون أنفسهم للعدالة أو إذا قضى الحكم بتبرئة المتهمين ساعتها يمكن للمدعي العام وفريق الادعاء الشخصي استئنافه، وطلب إعادة المحاكمة أمام غرفة الاستئناف من جديد". منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري 2005 كان المطلوب الذي تريده السلطة أن يقفل الملف فوراً. وراهنت السلطة وقتها والتي كانت تحت الوصاية السورية على أن اهتمام القضاء اللبناني والأجهزة الأمنية التابعة له بالتحقيق في هذه القضية كفيل بأن يبقي الملف فارغاً، وأن تبقى التهمة مقيدة ضد مجهول وأن يذهب الناس إلى أشغالهم بعد إتمام عملية الدفن. ولكن ضخامة العملية واهتمام المجتمع الدولي عجل في تكليف لجنة تحقيق دولية لتقصي الحقائق قبل أن يتمّ محو آثار الجريمة ولم تجرِ رياح التحقيق بما كانت تتمناه الجهات التي ذهبت إليها الشكوك أولاً. واليوم فهم العالم بوضوح أن حزب الله اعتبر وقتها أن تنفيذ العملية بالطريقة التي تمّت بها غير قابلة للاختراق وبالتالي ستبقى عصية على الكشف، انطلاقاً من الحماية الأمنية والسرية المطلقة التي تحيط بالذين شاركوا في التنفيذ. ولكن بعد اغتيال النائب جبران تويني في 2005 تمّ تجاوز مسألة التحقيق الدولي إلى اتخاذ القرار بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي أدخلت ضمن إطار صلاحياتها قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري والقضايا المرتبطة بها في حال أثبت التحقيق ذلك وقد كان هذا عن قناعة كانت متوافرة تعتبر أن من يقف وراء هذه العمليات طرف واحد وأنها فصول من سلسلة اغتيالات تدخل ضمن الجرائم المنظمة التي تقوم بها منظمة متمرسة في هذه الأعمال ولا يمكن اختراقها أو وقفها بسهولة. وعلى الرغم من المسار الشاق والموسوم بمزيد من الاغتيالات تم وضع اتفاق بين الحكومة اللبنانيةوالأممالمتحدة لإنشاء محكمة خاصة للنظر في الجريمة بقرار دولي تحت الفصل السابع حمل الرقم 1757 وذلك في الأول من مارس من عام 2009 أي بعد أربعة أعوام على الاغتيال. وليس هدفي هنا كذلك أن أنظر إلى الوراء، وأستذكر مدى المخاطر التي تعرّضت لها شخصيا، والتهديدات والحوادث التي قتلت أصدقاء وأعزاء من الذين بذلوا أعمارهم إيماناً منهم بسمو ظهور الحقيقة ولزوم قيام هذه المحاكمة العادلة والمنصفة والمستقلة والمجرّدة عن التدخلات السياسية. الرائد وسام عيد هو الذي كشف شبكة الاتصالات التي استخدمت في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والتي أظهرت علاقة متهمين من حزب الله في هذه العملية وقد تعرّض لمحاولة اغتيال في 2006 عندما كان يقيم في الضاحية الجنوبية وقد تمّ الربط بين هذه المحاولة وبين الدور الذي قام به في كشف شبكة الاتصالات. ولكنه لم ينج من العملية الثانية حيث تم اغتياله في 2008 بواسطة سيارة مفخخة على طريق الحازمية وهو ما شكل إدانة أكيدة للجهة التي نفذت عملية الاغتيال، ذلك أن القتيل كان قد مضى في اكتشاف شبكات الاتصال وصولاً إلى تحديد أسماء المتهمين بالقيام بعملية التخطيط والتنفيذ والمراقبة وبالرغم من قتله لم ينجحوا في قتل ما اكتشفه من معطيات دخلت في صلب القرار الاتهامي الذي سمّى المتهمين الأربعة من حزب الله. الصراع السياسي المتوقع قريبا في لبنان فيما يخص الاستمرار في تمويل المحكمة من عدمه وذلك لمعرفتي القريبة بتفاصيل هذه القضية قضائيا وسياسيا من خلال اصداري لصحيفة الرواد طوال العامين 2011 و 2012 لتكون خاصة بمتابعة التحقيقات النهائية للقضية والتي كنت أنشرها نقلا عن مكتب شعبة المعلومات في مكتب قوى الامن الداخلي برئاسة اللواء وسام الحسن الذي دفع حياته ثمنا لتلك التحقيقات التي حسمت تورط حزب الله في العملية بالرغم من تهديد حسن نصر الله اللبنانيين بعدم اللعب بالنار عبر محاولة كشف الحقيقة مما يعني أنه لا يؤمن بمنطق المؤسسات ولا بالعدالة الوطنية ولا الدولية". وكلنا يعلم موقف منفذ الجريمة والذي هو حزب الله فانه وعلى رغم أن الحزب استمر في إنكار مسؤوليته أو مسؤولية أي من عناصره عن تنفيذ عملية الاغتيال، فقد عمل على إثبات هذا الإنكار من خلال مرافعات تولى بعضها أمينه العام شخصيًا، بحيث ذهب إلى تحميل المسؤولية لإسرائيل ولكن من دون أن يقنع المحكمة أو مجلس الأمن أو المتابعين للقضية. وبالتالي تحولت المحكمة الدولية بالنسبة لذلك الحزب قدرًا لا مفر منه. وعندما لم ينجح في إلصاق الشبهات بها قام بالتشكيك بفعاليتها والتركيز على الأموال التي استهلكتها طوال عشرة أعوام تقريبًا، بالرغم انه طالما أن المحكمة لا تعنيه اي حزب الله وامينه نصر الله فلماذا يتكلم عنها ويحاول تسخيفها الا ان تكون هناك رسالة واضحة للبنانيين ومفادها، إما أن تتخلوا عن مبدأ المحكمة الدولية، أو سيتم التلاعب بالاستقرار الأمني والسياسي وحزب الله لا يقبل ولن يقبل أي اتهام أو حكم مثبت بالأدلة والبراهين لكنه لا يقوى على تحمل نتائجه، ولذلك هو يذهب إلى حد التهديد العلني والواضح بضرب الاستقرار الداخلي". عندما توصّل القتيل عيد لاستنتاجاته الأولية الدامغة على مسؤولية عناصر من حزب الله عن الاغتيال التقى رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن مسؤولين قياديين في "حزب الله" وأطلعهم على مسار هذه التحقيقات وأنها تشير إلى ضلوع منتمين للحزب بالإغتيال ولكن الأمين العام للحزب حسن نصرالله نفى هذا الأمر كليًا وفي 19 نوفمبر 2012 اغتيل اللواء وسام الحسن في الأشرفية بتفجير سيارة مفخخة. كانت هذه إطلالة تذكيرية بحقيقة تداعيات كشف ذلك الاغتيال وصولا إلى إنشاء المحكمة. لبنان اليوم والمأزوم مالياً واقتصاديّاً يترنّح مع التداعيات المرتقبة لهذه القضية ناهيك عن كلفة إعلان "صندوق النّقد الدولي" فشل التفاوُض مع لبنان والمتوقع خلال ايام؟ اليوم وفي العام 2020 تصدح الحقيقة ضمن آلاف المستندات التي نظرت فيها المحكمة بتمويل كلّف على مدى عقد ونصف، حوالي نصف مليار دولار توزعت بين مساهمات 28 دولة في مقدمتها لبنان. ومنذ تم إقرار المحكمة لم يخلُ بيان وزاري للحكومات المتعاقبة منذ الاغتيال من إدراج بند يؤكد حرص لبنان على معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة، ولكن أي عمل على المستوى الداخلي لم يتحقق، إذ لم تلقَ المحكمة أي تعاون من الفريق المتهم. وباستثناء التعاون الذي قدمه المتضررون، والقضاء اللبناني في بعض المراحل التي كان فيها خارج النفوذ السوري، اعتمدت المحكمة على وسائلها الخاصة في التحقيقات، حتى توصلت، في يونيو 2011، وبعد تحقيقات مع أكثر من 1200 شخص ودرس حوالى 10 آلاف دليل جنائي، وتعاقب أكثر من مدع عام، إلى توجيه الاتهام إلى أربعة عناصر من "حزب الله"، هم مصطفى بدر الدين بتهمة التخطيط والإشراف على التنفيذ، سليم عياش بتهمة قيادة فريق الاغتيال، والرجلان هما مقربان من القيادي في الحزب عماد مغنية الذي اغتيل في سورية في 12 فبراير عام 2008، أما المتهمَيْن الآخرَيْن، فهما حسين عنيسي وأسد صبرا بتهمة تسجيل فيديو مزيف يدّعي تنفيذ الجريمة، وألحق القرار الظني بالأربعة، متهماً خامساً هو حسن مرعي بتهمة التواطؤ والتآمر. وُجّهت انتقادات عدّة إلى عمل المحكمة بالتباطؤ ولكن في أواخر صيف 2018، صدرت المرافعات الختامية في حق المتهمين وعلى طريق التحقيقات، قضى مغنية وبدر الدين، بينما امتنع المتهمون الآخرون من الحضور إلى لاهاي تحت أي صفة بذريعة عدم الاعتراف بالمحكمة أساساً، فضلاً عن عدم التسليم بالاتهامات ومحاولة نقضها علانية. هناك ثلاثة أسئلة هامة أطرحها في مقالي هذا وأترك لكم النتيجة المتوقعة. السؤال الاول يكمن في مدى قدرة لبنان على التعامل مع قرار المحكمة وتنفيذ الحكم، علماً أنّ هناك مَن يقول إنّ الحقيقة ظهرت والعدالة تحقّقت حتى من دون صدور الحكم، انطلاقاً من الاتهام في حد ذاته ومن التطورات التي توالت على مرّ الأعوام والاغتيالات التي طالت عدداً غير قليل من رجال النفوذ السوري في لبنان مثل رستم غزالي أو من "حزب الله" مثل مصطفى بدر الدين. السؤال الثاني: يكمن في موضوع تمويل المحكمة من خلال دفع حصة لبنان في ميزانيتها. والسؤال الثالث يكمن في دعم تشكيل غرفة ثانية للسير في المحاكمات في القضايا المتلازمة مع جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والمتعلقة بمحاولتي اغتيال الوزير والنائب السابق مروان حمادة، ونائب رئيس الوزراء السابق الياس المر، واغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي. كلنا نعلم ان لبنان دفع حتى الآن ما يزيد على 500 مليون دولار كمساهمة في أعمال هذه المحكمة فبموجب قرار تأسيس المحكمة الدولية التي أنشئت بتاريخ 30 مايو 2007 بقرار من الأممالمتحدة فإن لبنان يتحمل 49% من تمويل أعمال المحكمة، بلغت بمتوسط 29 مليون يورو سنويًا. وكل من في الحكومة يقولون سرا ان على لبنان ان يطلب اعفاءه من دفع حصته من تمويل المحكمة الدولية خصوصا أنّ القرار 1757 ينصّ على أنّه في حال أصبحت التبرّعات لتمويل المحكمة غير كافية، (لا سيما إذا ما طالب لبنان بإعفائه من دفع حصّته)، فيجوز للأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن التفتيش عن وسائل تمويل بديلة. مع ملاحظة أنّ اللجنة الإدارية في المحكمة قد نجحت على مدار السنوات الماضية في تأمين التمويل اللازم للمحكمة من خلال تبرّعات أكثر من 28 دولة مؤيّدة لها، وتكفي هذه الأخيرة لتمويل السنة الحالية. ولهذا فلن يكون أمام المحكمة أي مشكلة في تأمين تمويلها واستمرارية عملها. لكن ماذا يتوجب على لبنان؟ وهنا يتساءل كثيرون لماذا لبنان ملزم بدفع نصيبه من ميزانية المحكمة لهذا العام 2020؟ وماذا يحدث في حال امتناع لبنان عن المساهمة في تمويل المحكمة؟ والإجابة على هذين السؤالين هي في غاية البساطة ومن خلال نصوص الدستور اللبناني الذي ينص في الفقرة "ب" من مقدمته الميثاقية التي وضعت في اتفاق الطائف، على ما حرفيته: لبنان عضو مؤسس وعامل في منظمة الأممالمتحدة وملتزم مواثيقها وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء". وبما أن لبنان ملتزم حكما مواثيق الأممالمتحدة، وملزم دستوريا بأن تجسد دولته ممثلة في مؤسساته الشرعية ما يتضمنه ميثاق الأممالمتحدة "في جميع الحقول والمجالات دون استثناء"، فإن المادة 25 من ميثاق الأممالمتحدة تنص على ما يلي: "يتعهد أعضاء "الأممالمتحدة" بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق". فإذا نظرنا إلى أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أُنشئت بموجب قرار يحمل رقم 1757، صادر عن مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع والذي يجيز للمجتمع الدولي استخدام القوة لتطبيقه فإن لبنان الملتزم دستوريا وميثاقيا بتطبيق ميثاق الأممالمتحدة ملزم بالتالي بتطبيق القرار 1757 الذي ينص على تأسيس المحكمة، وعلى أن يسدد لبنان 49% من موازنتها، بمعزل عن قرار حكومة حسان دياب بالتصويت ضد التمويل في مجلس الوزراء ، وبمعزل عن نتائج هذا التصويت الذي يعكس موازين القوى الداخلية وحكومة لبنان غير قادرة دستوريا على إسقاط التزام لبنان بالمحكمة الدولية، لأن مثل هذا الإسقاط يتطلب تصويتاً في مجلس الوزراء بأكثرية ثلثي الأصوات وهذا ان تم يعني عمليا أنه تصويت على تعديل الدستور اللبناني في الفقرة "ب" من مقدمته كما اشرت قبل قليل. ومثل هذا التصويت في حال حصوله سيؤدي إلى إعادة النظر باتفاق الطائف على اعتبار أن المقدمة الميثاقية للدستور جاءت نتيجة للتعديلات التي أقرت في الطائف والى احداث خطر داهم على مصير القرارات الدولية الأخرى المتعلقة بلبنان. ذلك أن تراجع الدولة اللبنانية عن التزامها بالقرار 1757 يمكن أن يشكل ذريعة لإسرائيل للتملص من الالتزامات التي يفرضها عليها القرار 1701، وغيره من القرارات الدولية التي تفرض عليها الانسحاب من لبنان وعدم الاعتداء عليه. فهل ستطلب حكومة حسان دياب اعفاءها من دفع حصة لبنان في المحكمة؟ وفي حال لم يحصل لبنان على إعفاء من دفع حصته في تمويل المحكمة، تحت ضغط أزمته المالية والاقتصادية، فإنه ولاشك سيواجه مشكلة في إقرار مجلس الوزراء لهذه المخصصات ذلك إن تشكيلة مجلس الوزراء وهيمنة تحالف حزب الله عليه قد يعيق إقرار هذا المبلغ وينشئ إشكالًا سياسيًا يعيد فتح قضايا يحاول حسان دياب تلافيها ذلك انه لا يمكن ولايعقل أن يوافق وزراء حزب الله على الدفع لمحكمة دولية تقاضي حزب الله بتهمة هي المسؤولة عن سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات السياسية. إن أولياء الدم في قضية الرئيس رفيق الحريري هم معظم الشعب اللبناني-ونحن منهم- وليس عائلة الحريري فحسب، فالرئيس رفيق الحريري كان لكل اللبنانيين. الايام القادمة حبلى وثقيلة على لبنان من خلال انعكاسات أي قرار قد يتهم حزب الله على الوضع الداخلي؟ وان من خلال مواقف حزب الله التصعيدية ورفضه لمبدأ وجود المحكمة مما سيضطره عند الإعلان عن الحكم ان يضرب الاستقرار الهشّ أصلاً أو حتى ان يورط لبنان في حرب قاسية مثل حرب يوليو ليهرب إلى الأمام من تداعيات انهيار الاقتصاد على حكومة قد شكلها من ألفها إلى ياءها. قبل أسبوعين ياسادة قال امين عام حزب الله -تعليقا على قانون قيصر- أنّ "القوانين الدولية لا تحمي لبنان" وهو يلمح ضمنا إلى قرب صدور حكم المحكمة متناسيا ان حماية الدولة تأتي بالدرجة الأولى من شرعيتها المكرسة بالدستور وبالاعتراف الدولي بها. بينما سلاح "حزب الله" واغتياله للقيادات اللبنانية عرض لبنان للخراب والدمار ولن تنجح المناورات الاستيعابية والاستباقية التي يحاول أن يرهب بها اللبنانيين عشية صدور قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي رأيناها قبل أيام قليلة في دعوة رئيس الجمهورية لعقد لقاء سمي "حوارا وطنيا" في بعبدا كان هدفه ارباك المشهد اللبناني عبر جعل الدولة اللبنانية تقوم على أربع مصطلحات هي ( لبنان و"حزب الله" والدستور وسلاح الميليشيات) استباقا للانهيار الاقتصادي وكذلك للحكم المرتقب عن المحكمة. متناسين التزام الدولة عبر اعترافها بالمحكمة بالحكم الذي سيصدر وفاء لدماء الرئيس رفيق الحريري ورفاقه الذين سقطوا على درب تحرير لبنان من الإحتلال السوري سواء أكانوا برلمانيين ام قادة رأي ام رؤساء أحزاب ام مدنيين ام عسكريين". وللحق والتاريخ اقول ان لبنان سيسجل للرئيس العماد ميشيل سليمان وقوفه في هذا المؤتمر وقوله صراحة ان من نقض العهد الذي ابرمناه في بعبدا بضرورة النأي بالنفس هو حزب الله الذي دخل سورية. وأخيرا اقول: إن المحكمة والحقيقة صارت ضرورة وطنية لحماية الشعب اللبناني من الكوارث الآتية حتما وحتى لو ابدت حكومة حسان دياب عدم قدرتها على دفع التكاليف المستحقة عليها فلن يتوقف قطار المحكمة وسيكون قبول حكم المحكمة وما يترتب عليه لزاما على الدولة اللبنانية.