عند الانغماس في حالة من انصات إلى لحن شجي عندما تتسرب إلى خلايانا نشوة الاستسلام لرقصات خفية تربت أقدامها بخفة في قنيات الذات حيث تتشكل دواخلنا اللحظات بألوانها كما نرغب، حب، أسى، خوف، فقد، فرح، اشتياق، تمرد، تحدي، استسلام، أي مما نشعره ونخفيه سينساق داخلنا بلا قيود بتلوين هذه اللحظة، رقص بصمت. هذه هي لوحات التشكيلي السعودي عبدالله الشهري، لوحاته هي مقطوعات موسيقية لونية، تستمع للحنها مع مساراته اللونية وانتقاء فرشاته وأدواته وتقنياته التي تظهر ببروز وعمق بين مسارات منسكبة من قلب العمل إلى إطرافه في تشكيل موسيقي منظم. عبدالله الشهري فنان تشكيلي مارس التجريب في مسار مجموعاته اللونية وتقنياته التقليدية لتكون مخرجاته التشكيلية لوحات تشير له، فكانت بصمة متميزة لاسمه. وعند تناول هذه الإعمال في قراءة تشكيلية فإن أول ما يلفت انتباهنا هي المجموعات اللونية التي ينتقيها الشهري في أعماله فكل لوحة تنفرد بمجموعة لونية تضعك في خيارين إما أن تشعرك بالدفء أو لوحة تشعرك بالبرودة في انتقاء مدروس يستغله التشكيلي لتحديد مسار أعماله رغم تداخل اللون الدافئ مع اللون البارد في العمل؛ إلا أنه يتحكم في إحساسك بتصنيف دفئها وبرودتها من خلال معالجاته المضافة، كما يتضح لنا في أعمال الشهري بأن مسارات الفرشاة هي القائدة للموقف, فمخرجات الشهري عبارة عن مسارات لونية منسابة لا بداية ولا نهاية لها حتى نستطيع تحديدها كانبثاق أو نهاية، أما تقنياته فنلاحظ بأن الملامس المضافة للعمل سواء كان تعبيرية أو ملموسة فهي في العمل مضافة بصورة شبة مخفية, لا يعتمد الشهري على هذه الملامس كموضوع للعمل بل باعتبار أنها مساعد غير رئيس للون، فاعتماد الشهري في مخرجاته التشكيلية هو اللون والمسار الهارموني في تشكيل تصويري تجريدي للعناصر. لوحة (سيمفونية ألوان) سيمفونية ألوان، لوحة تشكيلية آثر الشهري لفرشاته أن تنساب في التعبير الموسيقى على نوتة اللوحة في حضرت أوركسترا ربت الملامس الموزعة بتناغم موسيقى على نوتة اللوحة متوارية باستحياء في حجاب اللون, تتشكل هذه المقطوعة اللونية في ألوان. حوار لوني يبدأ بصلابة من قاعدة العمل بدرجات لونية قاتمة تعطي إحساس بالثبات اختار لها الشهري درجة من اللون الأزرق، ثم بدأ في بناء العمل بوضع مسارات من اللون الأصفر واللون الأحمر في جانبي العمل ينبثقان من منتصف العمل المرتكز بدرجة فاتحه من اللون الأزرق ومن نقطة الانبثاق يكتمل انتشار اللون الأحمر والأصفر في اتجاهين وتبادلين مع انسكاب من اللون الأزرق، وتد من اللون البرتقالي يقف في منتصف هذا الحوار اللوني, مسارات محددة من اللون الأسود تتداخل بين مساحات الأحمر والأصفر والأزرق, صعوداً في مسح لوني إلى اعلا العمل الذي ينتهي بمساحه من اللون الفاتح يعطي الإحساس بالحدود المفتوحة وغير المغلقة، تتوزع ملامس حول بؤرة التقاء الألوان, ملامس معالجة لسطح العمل في لغة حوار متشابك. المخرج التشكيلي يبدو فيه حوار لوني من الألوان الأساسية(الأحمر، الأصفر، الأزرق) مع تصالحات ثانوية من لونين محايدين (الأبيض والأسود) حوار لوني يبدو أنه صاخب في بؤرة العمل متعارك بملامس مؤلمة على نعومة انسكاب اللون، ومنتهي بتصالح المساحات اللونية المستسلمة بانتشارها، فكلما ابتعدت عن بؤرة العراك اللوني متجهاً إلى إطراف العمل فهي تنتهي بفضاء لوني محايد. إنها سيمفونية لونية تبدأ من بؤرة الذات تتشاغب معها تتعارك مع إحساسها هل هذه الموسيقى تجعلني أشعر بألم، حب، فقد، وحده، فرح.. إلخ.. في لحظة تتحدد هذه العراكات لتنتشر بسلام لوني راقص محايد لأطراف الرضا وتنتهي بإصغاء نقي لا تغلقه الحدود. * ناقدة فنية من أعمال عبدالله الشهري من أعمال عبدالله الشهري من أعمال عبدالله الشهري عبدالله الشهري