سرعت المستجدات الأخيرة مع تزايد الأطماع التركية في ليبيا في جمع شمل وزراء خارجية الدول العربية بعد دعوة مصر، لاجتماع طارئ، لبحث مجمل التطورات العسكرية والأمنية الراهنة في ليبيا، وبصفة خاصة حالة التصعيد حول مدينة سرت وسبل التهدئة الفورية التي تفضي إلى استكمال مفاوضات وقف إطلاق النار بين حكومة الوفاق الوطني والجيش الليبي الحر تحت رعاية الأممالمتحدة. وأعادت تحذيرات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول المساس بمدينتي سرت والجفرة الليبيتين، وكذا اجتماع وزراء خارجية الدول العربية إلى الواجهة، دور الجامعة العربية في حماية أعضائها من التهديدات الخارجية، والدور الذي يمكن أن تلعبه اليوم لتفكيك ألغام المعضلة الليبية، التي باتت تهدد المنطقة برمتها، لا سيما دول الجوار، خاصة ما تعلق باتفافية الدفاع المشترك بين الدول العربية. وتعتبر الدول العربية المتعاقدة في اتفاقية الدفاع المشترك بين الدول العربية، أي اعتداء مسلح على أي دولة أو أكثر منها، أو على قواتها إعتداء عليها جميعا، ولذلك فإنه عملا بحق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي عن كيانها تلتزم بأن تبادر إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها، وبأن تتخذ على الفور، منفردة أو مجتمعة جميع التدابير، وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك إستخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء، وإعادة الأمن والسلام إلى نصابهما. وحول دور الجامعة العربية في حلحلة الأزمة الليبية، على ضوء التصريحات الأخيرة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، يرى الخبير الجزائري في العلاقات الدولية، د. بشير شايب خلال حديثه ل"الرياض"، أن الجامعة العربية عانت الفترة الماضية مما يشبه الشلل، بسبب الظروف السياسية لبعض الدول العربية غير أن ما جرى خلال هذا الشهر في ليبيا من تدخلات مباشرة في شؤونها الداخلية بلغت حد التدخل العسكري التركي المباشر لدعم طرف ليبي على حساب طرف آخر بحجة وجود اتفاقية دفاع بين انقرة وحكومة الوفاق في طرابلس، وتأجج النزاع المسلح استنفر الدول العربية، كونه أصبح يشكل تهديدا حقيقيا لدول الجوار الليبي. ويعتبر د. شايب، أن الدفاع المشترك بين الدول العربية الأعضاء في الجامعة العربية، والتي تنص على أن أي اعتداء على بلد عربي هو اعتداء على الجميع ويجب التعاون لرد العدوان، كان له دور كبير عبر التاريخ، وهذا ما يحيلنا إلى ضرورة بعث الديناميكية اللازمة لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك بكل بنودها في التحديات الأمنية بخصوص ليبيا، وهو ما تستند إليه جمهورية مصر العربية، لصد التدخلات التركية في ليبيا. من جهته، اعتبر المحلل السياسي التونسي، محمد الصالح العبيدي في تصريح ل"الرياض"، حول التصريحات الأخيرة للرئيس المصري، أن لمصر أدوارا تاريخية في نصرة قضايا الأمة العربية، وما يحدث في ليبيا اليوم هو تهديد حقيقي، لأمن الأمة العربية، وخاصة أمن دول الجوار، ويجب أن تكون خطوات فعلية لتجاوز الخطر. ودعا صالح، جميع دول العالم، وخاصة الدول العربية، ودول الجوار الليبي، لتوضيح مسألة العدوان التركي، وتوحيد الموقف العربي. وشدد على تفعيل بند الدفاع العربي المشترك، لأن ما يحدث في ليبيا عدوان تركي على ثروات ليبيا، ويتحتم على دول الجوار، دور أكبر لأن ما يحدث غير معقول. وحذر العبيدي من محاولة تركيا لاستغلال اتباعها في دول الجوار، وبخاصة في تونس، للتأثير في مواقفها حيال العدوان التركي على ليبيا، ما يستوجب قرارات حازمة، لأن الصمت هو بداية لإحتلال الجزائروتونس ومصر.