كورونا.. اسم ارتبط بشكل سلبي مع الجميع، ارتبط بالخوف.. التباعد.. الألم.. وحتى الموت ڤايروس أثر على الجميع صغاراً وكباراً تأثيراً سلبياً كبيراً وتأثيراً إيجابياً أيضاً.. نعم تأثير إيجابي. قد يستغرب البعض هذا الرأي، ويظن أنه مجرد تفاؤل؛ إنما هي حقيقة تقف أمام أعيننا، وقد لا نراها واضحة إلا بعد التفكر بمجريات الأحداث ماذا حدث؟ الحجر المنزلي، انقطاع عن العمل، تباعد عن الأحبة. قد يسأل البعض: لكن ما هو الإيجابي؟ تعلمنا منه الكثير، تعلمنا القوانين والالتزام بها، تعلمنا احترام النظام والدور، تعلمنا احترام الوقت، وهذا قد يكون أكبر فائدة لنا وتعلمنا التواصل مع بعضنا البعض داخل بيوتنا تعلمنا أن نمارس الرياضة؛ أن نتبنى عادات صحية جيدة؛ أن نفكر ببدائل وحلول وتعلمنا أن بيوتنا هي ملاذنا الجميل الذي يجب أن نحرص على تحسين الحياة فيه تعلمنا أن البيت ليس فندق إقامة دائم يوفر الطعام الدافئ والسرير المريح تعلمنا أن بيوتنا تحتاج إلى أن نحييها بوجودنا وأن أحياءنا تحتاج تحسيناً لنمشي بأمان وأن طرقاتنا تحتاج إلى زراعة وأشجار وتمنينا أن لو كانت أحياؤنا تتنفس. كم من شخص تمنى أن لديه حديقة كبيرة أو ممرات لدراجات أولاده. هذه الأمنيات هي ما سيتحول لخطط لكل من يفكر في مسكن جديد؛ لا أعتقد بعد مرورنا بأزمة كهذه سيفكر بالبيت كما كان يفكر فيه سابقاً، ففكرة أن أتملك بيتاً كيفما اتفق، وبأي صورة (المهم بيت) ستتغير إلى بيت مريح بيت أجد فيه نفسي له قيمة ويخلق ذكريات ويشجع على التواصل، بيت فيه أنشطة مشتركة حديقة مكان ملائم للحركة والرياضة، قد يكون صعب التحقيق كل ما نتمناه بسبب المعوقات المادية التي تحكمنا، لكن أعتقد أن من الحكمة إن لم أحصل على منزل يلبي كافة احتياجاتي وأنشطة يجب أن أختار المنزل في حي يقدم لي جزءاً من هذه الخدمات، وهنا تكمن الحاجة إلى التفكير بطريقة مختلفة عند إنشاء المجمعات السكنية، وعلى الأحياء الجديدة مراعاة مواكبة التغير في فكرة المنزل رغم وجود بعض النماذج الجميلة التي تدعم هذا التوجه إلا أننا بحاجة إلى تعميم الفكرة والاستفادة من أفكار المعماريين المتميزين لدينا. كل ما تعلمناه من درس كورونا هو كيف نعيش الحياة بجودة، وهو ما تنتهجه الخطط المستقبلية لوطننا الذي لم يخذلنا أبداً وأختم بكلام أحد أهم الفلاسفة الفرنسيين جاستون باشلار، والذي يقول إن البيت جسد وروح، وهو عالم الإنسان الأول. قبل "أن يقذف بالإنسان في العالم" كما يدعي بعض الفلاسفة الميتافيزيقين المتسرعين فإنه يجد مكانه في مهد البيت. وأن ميتافيزيقيا دقيقة لا تستطيع إهمال هذه الحقيقة البسيطة لأنها قيمة مهمة نعود إليها دائماً في أحلام يقضتنا. الوجود أصبح الآن قيمة، الحياة تبدأ بداية جيدة، تبدأ مسيجة محمية دافئة في صدر البيت.