يقول الجنرال ووزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول: "القيادة تحل المشاكل. واليوم الذي يتوقف فيه الجنود عن جلب مشاكلهم لك هو اليوم الذي توقفت فيه عن قيادتهم. لقد فقدوا الثقة في أنه يمكنك المساعدة أو استنتجوا أنك لا تهتم. في كلتا الحالتين يعد ذلك فشلاً في القيادة". مقالة اليوم تتحدث عن دور القائد في حل المشاكل وتجاوز التحديات.. من المشاهد التي لا تنسى في مسلسل جزيرة الكنز، المأخوذ عن رواية جزيرة الكنز المنشورة في عام 1883م للكاتب الأسكتلندي روبرت ستيفنسون، لقطة انقلاب القراصنة على زعيمهم جون سيلفر وصلبه واعتزامهم إحراقه. في تلك اللحظة خاطب جون سيلفر قائد الانقلاب ومن معه من القراصنة متسائلاً: "ماذا ستفعل في عرض البحر إذا واجهتكم عاصفة؟ هل سيكون بإمكانك أن تقود السفينة؟ سيكون مصيركم جميعاً الغرق والموت في عرض البحر!". وكانت النتيجة تراجع القراصنة عن الانقلاب وعودة سيلفر لقيادتهم. ما حصل في هذا المشهد بكل بساطة هو تذكير بأحد الأدوار الأساسية للقائد، وهي حل المشاكل، وتجاوز العقبات.. ولا شك أن عدم امتلاك القائد لهذه القدرة هو شهادة بعدم الكفاءة والأهلية لهذا المكان. ولعل من النقاط المهمة هنا، أنه لا يكفي حل المشكلة بل كيفية حلها بأفضل الطرق من ناحية قلة الآثار السلبية وعظم التأثير الإيجابي. وهذا ما يكون نتيجة خبرات متراكمة لدى القائد، وفريقه ولدى المنظمة. ويكون أيضاً نتيجة اختيار القرار الأفضل بناء على سرد الخيارات وتحليلها وتقييم نتائجها وتبعاتها. وكما يقول الأستاذ عبدالعزيز الجهني في كتابه (شموع في الحياة): "بعض المشاكل مثل صخرة تعترض طريقك، يكفي أن تزيحها عن طريقك أو تلتف من حولها. البعض ينجح في إزالتها، ولكنه يرهق نفسه في تكسيرها. تجاوزها!". ومن المهارات التي تعلمتها خلال عملي في الشركات اليابانية والتي أحرص على تطبيقها ما استطعت هو عدم الرفع بأي مشكلة أو تحدٍّ إلا ومعه الحل أو الحلول المقترحة. ومن شأن هكذا منهجية أن تساهم في رفع مستوى الحس القيادي والمسؤولية لدى الفريق لإعداد قادة المستقبل. وفي هذا الصدد، يذكر السيد فوجيتا سيئيتشيرو خبير الكايزن الياباني أنه قدم الكثير من المحاضرات والدورات التدريبية في مجال الكايزن في دول كثيرة ومن ضمنها العالم العربي. ولكنه وصل إلى نتيجة أن السبب الرئيسي في فشل هذه المنظمات والشركات في تطبيق الكايزن يعود إلى أن من يحضرون الدورات كانوا من الإدارات العليا، بينما في اليابان أهم مجموعة يجب أن تطبق الكايزن هم الفنيون، ومن في الصف الأمامي والإدارات في أرض الميدان. وختاماً، يقول الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين د. روزفلت: "البحار الهادئة لا تصنع بحارًا ماهراً". والقائد الحقيقي يحل المشاكل، ويصنع الفرص من رحم الأزمات، ويتعلم ويصقل تجاربه من المصاعب والمشاكل مع فريقه الذي يبادله الثقة والطموح في الرحلة الطويلة نحو التميز والنجاح..