عند مفترق الطرق يقف الإنسان محتاراً أيها يسلك، الحيرة تأتي من عدم معرفة تفاصيل الطريق الذي سوف يسلكه ويوصله إلى الوجهة التي يريدها ويحقق فيها ما يطمح إليه. إنّ مفترق الطرق قدرٌ لا بد أن يمر فيه كل إنسان هذا ليس خياراً بل مصير، عند المفترق نتوقف نُفكر ونتحرى وأحياناً نستشير وعند الاستشارة ندرك أهمية من نستشير ونجمع المعلومات ومن ثم نستخير ونتوكل على الله. قال تعالى: "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ"، وهما طريق الخير وطريق الشر. حين يجد الإنسان صعوبات في بداية سلوكه للطريق عليه أن يتوقف ويتراجع ويبدأ طريقاً جديداً في الاتجاه الجديد فالحياة ليس فيها عيب، العيب فينا وكما قال الشافعي: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا نسب النجاح والفشل تختلف من إنسان إلى آخر فليس هناك نجاح كامل ولا فشل كامل فهما يخضعان إلى نسب مئوية ترضي أو لا ترضي، تماماً فطريق الحياة ليس بالسهل فالرضا يريح العقل والقلب والطرق التي نسلكها تخضع للنسب المئوية، والإنسان الذي لا يرضى سيجد نفسه يعيد الكرات مرات كثيرة ويفني عمره واقفاً عند مفترق الطرق. شخصياً أعرف من وقف وأطال الوقوف عند مفترق الطرق وتردد في اتخاذ القرار وأصبح رهين الخوف من تبعات القرار، وأجزم أعزائي القراء والقارئات أنكم مررتم بمواقف في حياتكم ترددتم في اتخاذ القرار؛ أقتبس (عندما يكون القرار الأصلي خاطئاً فلن تكون القرارات الفرعية النابعة منه صحيحة) الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله-. من أسوأ الأوقات التي تمر على الإنسان الحيرة عند مفترق الطرق فيضطر إلى سلوك أي منهما ولا يعلم أن تصل به نهاية جميلة أم نهاية غير محببة وذلك تخلصاً من الحيرة، في رأيي هذا قرار سيئ مقارنة مع الوقوف عند المفترق والتريث، لا تلم نفسك حين تقع في مستنقع يصعب عليك التخلص منه. في حياتنا طرق نستمتع حين سلوكها وطرق أخرى نصاب بالإحباط حين سلوكها من تلك الطرق التي نقف عندها طريق الزواج، طريق الطلاق، طريق الوظيفة، طريق الدخول إلى الجامعة. من الصعب أن تجد إنساناً لم يقف عند مفترق الطرق إلا إذا كان مسيّراً وموجهاً بريموت كنترول وما أكثرهم ستجدهم حين يدورن حول أنفسهم. وختاماً.. همسة إلى المترددين الواقفين عند مفترق الطرق، احزم أمرك بكل الوسائل وتوكل على الله واسلك الطريق الذي تراه مناسباً، تذكر دائماً أن الرضا عن النفس هو أحد أهم مفاتيح السعادة، الوقوف طويلاً سوف يعطيك دافعاً للانتظار الطويل. القليل من الناس من يسلك الطريق الذي يحقق هدفه ويكون راضياً تماماً فالرضا نسب متفاوتة. أقتبس (السعيد من راض نفسه على الواقع والتمس أسباب الرضا والقناعة حيثما كان!) نجيب محفوظ.