شهدت أغلب اقتصاديات العالم في الآونة الأخيرة انخفاضاً، في معدلات الادخار الأسري ولكن بوتيرة أقل، باستثناء بعض الاقتصاديات المتقدمة، مثل: ألمانيا (11 في المائة) ونظراً للأسباب والعوامل التي تقف وراء ذلك يمكن القول إنَها تتلخص في انخفاض مستوى المعرفة والإلمام والوعي المالي لدى الأسرة، بجانب عدم توفر البيانات حول المصادر الثانوية للمدخرات وعدم توفر منتجات ادخار من السوق. وبالنظر إلى معدل الادخار الأسري، أو ادخار الفرد في المملكة، نجده، أقل بكثير من المعدلات العالمية (10 في المائة) المتعارف عليها كحد أدنى لضمان الاستقرار والاستدامة المالية على المدى الطويل. وقد بلغ معدل الادخار الأسري، في المملكة في آخر إحصائية نحو 1,6 في المائة فقط، مقارنة ب ( 36,1 في المائة) في الصين، كأعلى معدل ادخار أسري، حيث تشير الإحصاءات الرسمية، على مدى السنوات العشرة الماضية في المملكة إلى اتجاه تنازلي وتناقص في معدل الادخار على مستوى الأسرة في المملكة. حدث ذلك، على الرغم من ارتفاع متوسط الدخل الشهري في عام 2018 للأسرة، بنسبة 5,3 في المائة بمعدل (14823 ريال شهرياً) مقارنة بالعام 2007م مع ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي الشهري للأسرة بنسبة 38,6 في المائة، بمعدل (14584 ريال). هذا الوضع يتطل تبني سياسة واضحة تجاه الادخار الأسري بالمملكة، وإحداث جهات ووحدات متخصصة لرفع الوعي وخلق قنوات متنوعة للادخار وإجراء اختبارات سلوكية وذلك لرفع المعدل وتثقيف النشء على هذه الثقافة وغرسها لديهم وعدم التهاون بصرف المبلغ الذي يتمُّ ادخاره، حتى وإن كان قليلاً، إلا في الضرورات القصوى؛ لأن الأهمية لا تأتي من كمية المبلغ المدخر، بل تأتي من الاقتناع والإيمان بضرورة تجنيب وادخار جزء من الدخل وتغيير النمط الاستهلاكي كذلك. وتكمن أهمية الادخار الأسري، في دوره المحفز للنمو الاقتصادي المستدام، في جميع اقتصاديات بلدان العالم، نسبة لإسهام المدخرات في تقوية الأساس الذي يقوم عليه الاقتصاد الوطني، بجانب إسهامها الفعّال في التنمية المستقبلية؛ لما لها من دور مهم في تقليل الاعتماد على التمويل الخارجي الذي يشكل ضغوطاً وأضراراً على العملة الوطنية، فضلاً عن أنّ تلك المدخرات تمثل جزءاً كبيراً من اقتصادات الدول الصناعية والنامية. وختاماً: لقد اتَّخذت الحكومة في المملكة - حفظها الله – عددا من التدابير التي من شأنها دعم ثقافة الادخار وتحسين معدلاته، ليصل إلى المعدلات العالمية، من خلال تطوير آليات التخطيط المالي للأسر في المملكة من خلال إطلاق منتجات ادخارية وخلق بيئة قانونية جاذبة ورفع الوعي الثقافي للادخار لدى الأسر؛ وهو ما سيؤدي - بإذن الله - إلى تحسين رأس المال الذي سيساهم في تحفيز التنمية الاقتصادية، في المملكة وتنمية المحتوى المحلي ودعمه، فضلاً عن تخفيف الضغوط على مكتسبات الوطن والوصول إلى أداء اقتصادي سليم ومتوازن، بحول الله.