بالرغم من شدة تداعيات أزمة كورونا على صناعة الطاقة في العالم، إلا أنها كانت أشد تدميراً لصناعة النفط والغاز في تركيا، البلد المنهار في الأساس سياسياً واقتصادياً قبل بزوغ الجائحة وهي تصارع جبهات عدة منها عقوبات أميركية ومقاطعة لأكبر شركتين حكوميتين للنفط والغاز والتنقيب بسبب الاعتداءات التركية في شمال سورية، إلى مقاطعة الاتحاد الأوروبي الذي يفرض عقوبات على اثنين من كبار التنفيذيين من شركة البترول التركية بسبب أنشطة الحفر في شرقي البحر المتوسط التي اعتبرها غير قانونية، وتم تجميد أصول الشركة في الاتحاد الأوروبي ومنع تنفيذييها من السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي. وفي خضم الصراع التركي المتهالك بانهيار النفط والغاز، فوجئ ساسة الصناعة والمحايدون بتوجه تركيا ونواياها إيعاز شركاتها النفطية للتنقيب عن البترول والغاز في ليبيا بعد أن قدمت شركة البترول التركية طلباً إلى ليبيا للحصول على إذن بالتنقيب في شرق البحر المتوسط. بينما قال وزير الطاقة التركي: إن أعمال الاستكشاف ستبدأ فور الانتهاء من العملية، وهي خطوة اعتبرها المحللون ليست بالمستفزة فحسب، بل المثيرة للاشمئزاز من بلد تعاني شركاته النفطية أشد الحصار والمقاطعات الدولية. في حين تقود تركيا تصعيد التوترات في المنطقة بينها وكل من اليونان وقبرص، فضلاً عن قوى إقليمية أخرى بخصوص ملكية الموارد الطبيعية. كانت حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً وقعت اتفاقاً مع تركيا في نوفمبر 2019 لإقامة منطقة اقتصادية خالصة من الساحل التركي الجنوبي على المتوسط إلى سواحل شمال شرق ليبيا. وتعارض اليونان وقبرص وآخرون الاتفاق الذي يصفونه بالمخالف للقانون، وهو ما ترفضه تركيا، ويعارضه أيضاً الاتحاد الأوروبي. كما أعاد الاتحاد الأوروبي "تأكيد استنتاجاته بشأن أنشطة الحفر غير القانونية لتركيا في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص وأعاد التأكيد بشكل قاطع على تضامنها مع قبرص"، وكانت الولاياتالمتحدة قد فرضت عقوبات على وزارة الطاقة التركية رداً على الهجوم التركي عبر الحدود في شمال شرق سورية منذ العام الماضي مما أثار تساؤلات بشأن التأثير على قطاع الطاقة الأوسع في البلاد، وتشمل العقوبات شركة بوتاس التي تدير البنية التحتية للغاز التركي وهي طرف في عقود استيراد الغاز، وشركة البترول الوطنية التركية. ويعتزم الاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات على تركيا بسبب أعمال الاستكشاف والتنقيب عن الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط. وقال مفوض الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوسيب بوريل: إن وزراء خارجية 28 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي أمروا مجلس أوروبا بإعداد عقوبات جديدة ضد الشركات والأفراد الأتراك المسؤولين عن القيام بحفر الغاز قبالة قبرص. وأشار بوريل إلى أن وزير الخارجية اليوناني القبرصي نيكوس كريستودوليديس قدم إحاطة بشأن هذه المسألة. ويتعرض الملف الائتماني السيادي لتركيا لمخاطر الفيروس التاجي بشكل رئيس بينما تواجه البنوك مخاطر متزايدة على ملفات الائتمان الخاصة بها، بحسب وكالة فيتش للتصنيف الائتماني التي قالت: إن متطلبات التمويل الخارجية العالية لتركيا حوالي 170 مليار دولار أميركي في العام 2020 إلى جانب ضعف مصداقية السياسة النقدية والمخاطر الجيوسياسية، تجعلها عرضة للتدهور في معنويات السوق العالمية. وتوقعت فيتش أن تؤدي تأثيرات الفيروس التاجي إلى إضعاف الحساب الجاري في تركيا. وسوف يفوق الانخفاض المحتمل في عائدات السياحة (25.7 مليار دولار أميركي في العام 2019) والطلب الأجنبي على الصادرات، المكاسب الناجمة من انخفاض واردات الطاقة، التي بلغت 41 مليار دولار أميركي في العام 2019. والآن هناك مخاطر سلبية كبيرة على توقعات الناتج المحلي الإجمالي.