الرياضة أصبحت صناعة؛ لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها سواءً حديثاً أو منذ فترة طويلة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم، وضيفنا اليوم هو الأستاذ الدكتور إبراهيم بن رافع القرني عميد كلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود ومدير مركز الترجمة.* كيف تقيم تجربة الجامعات رياضياً قبل وبعد إنشاء الاتحاد الرياضي للجامعات؟ * الجامعات لها تجارب رياضية أحسبها ناجحة وهي كذلك حاضنة للكثير من المواهب الرياضية في الماضي والحاضر وسيتم التركيز على ذلك واستغلاله بشكل أفضل مع إنشاء الاتحاد الرياضي للجامعات لما في ذلك من توحيد للجهود وتنظيم للعمل والمنافسات في مختلف الألعاب وكذلك التكامل والتنسيق مع الجهات الرياضية الأخرى. * بما أنك المتخصص باللغة، هل ترى أن صياغة أخبار الأندية وما تطرحه مراكزها الإعلامية جيدة لغويا؟ * أرى أنها ممتازة وتفي بالغرض ولو وجد المختص (في علم اللغة وتحليل الخطاب مثلا) لكان الناتج أفضل، خاصة أن للغة مدلولاتها الذي ينبني عليها وصول الرسائل الموجهة وقوة التأثير من عدمه. * هل يهتم مركز الترجمة بالكتب المتعلقة بالرياضة والنشاط البدني؟ وكم وصل عدد الكتب التي ترجمها المركز؟ * يهتم المركز بالترجمة في جميع حقول المعرفة، وقد حظينا في المركز خلال الأعوام القلية الماضية بنخبة من الزملاء المختصين في علوم الرياضة والنشاط البدني قاموا بترجمة عدد لا بأس به من الكتب مقارنة مع حقول أخرى ومازال المركز يتلقى طلبات مشابهة خلال المرحلة الحالية. * كيف ترون أهمية تعلم اللغة، وهل لكلية اللغات والترجمة توجه لتعليم لغات أخرى غير التي تدرس حالياً، وماذا عن اللغة الصينية؟ * لا يختلف اثنان على أهمية تعلم لغة ثانية من عدة نواح: تعليمية، وثقافية، ومعرفية، وظيفية.. الخ، لكن ربما تختلف الأولويات والأهمية بحسب الزمان والمكان والأحداث السياسية والاقتصادية واحتياج سوق العمل، إتقان أي لغة ثانية أعتبره كنزا وأداة تميّز في يد متقنها تجعله لاعبا محوريا في مختلف المجالات. كلية اللغات والترجمة تراجع خططها باستمرار وتعمل على التناغم مع توجهات الدولة - حفظها الله - فيما يخص متطلبات التأهيل اللغوي لأبناء وبنات وطننا المعطاء وتلبية احتياج سوق العمل. الكلية أنشئت أصلا لهذا الغرض وذلك لسد الحاجة في اللغات المختلفة وسيتم التوسع بناء على أي معطيات جديدة تخدم هذا التوجه. وما التوسع في قسم اللغة الصينية إلا خير مثال على ذلك؛ فقد تم تحويله من برنامج إلى قسم مستقل استجابة لتوجيه سمو سيدي ولي العهد بإقرار تعليم اللغة الصينية في التعليم العام والجامعي وسيفتح أمام الطالبات مع مطلع العام القادم بإذن الله. * هل توافقني بأن حسابات الأندية خصوصاً أثناء المشاركات الخارجية يجب أن تُبث باللغتين العربية والإنجليزية ليصل المحتوى للعالم والمهتمين رياضيا بما تقدمه أنديتنا؟ * أتفق معك تماما، بل أرى أن لدينا قصورا في تعريف الآخر بما لدينا من منجزات وأحداث وربما تميّز في مجالات عدة ومنها الرياضية. كما أتمنى ألا يقتصر الوضع على اللغة الإنجليزية بل يتم مخاطبة أهل تلك البلدان بلغتهم عند المشاركات الخارجية لديهم. * هل أنت معي بأن الأندية مازالت مقصرة في الجوانب الثقافية، خصوصاً في تفعيل المكتبات التي كان لها حضور؟ * ليس لدي تصور شامل عن ذلك، لكني أرى بشكل عام أن الأندية الرياضية يجب أن يكون لها دور ريادي في المناشط الثقافية وتفعيل لذلك الدور المهم وخاصة لسهولة الوصول إلى شريحة كبيرة من الشباب من خلال فعاليات الأندية وعدم الاقتصار على المناشط الرياضية البحتة. * عندما كنت بأستراليا هل كنت تمارس الرياضة بما أن الأجواء مناسبة والارتباطات العائلية قليلة؟ * للأسف كنت أمارسها بشكل محدود، ما عدا رياضة المشي التي كنت أحرص عليها بالرغم من ضغط العمل وارتباطاته التي طغت على الارتباطات العائلية. * هل الرياضة لدينا باتت صناعة، وإن كانت كذلك كيف نتعامل معها؟ * ينبغي أن تكون كذلك وأن تتجاوز مرحلة الترفيه إلى الاستثمار، ونحن بالفعل نعيش ذلك من خلال صفقات اللاعبين وشراء الأندية والاستثمار الإعلامي والدعايات وغيرها. * توافقني بأننا مازلنا ببدايات الاستثمار الرياضي الحقيقي؟ * نعم فعلا مازلنا في البدايات وفي تصوري هناك بعض الأندية قطعت شوطا في هذا الاتجاه ويجب تفعيل ذلك من قبل الجهات المسؤولة وهناك مرجعيات عالمية يمكن الاستفادة منها والسوق السعودي فيه فرص كثيرة. * ماذا ينقصنا لتكون رياضتنا بيئة جاذبة للعمل الاقتصادي والأرباح الكبيرة؟ * فكر استثماري رياضي مع الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في قضية صناعة الاستثمار الرياضي وتذليل كل العقبات واستقطاب العقول المميزة في هذا المجال. * توافقني بأن منشآت الأندية أحد أوجه الهدر المالي لدينا؛ ماذا لو استغلت بالتشغيل؟ * فكرة التشغيل جميلة شريطة أن تكون هذه المنشآت حسب المعايير والمواصفات التي تلبي تطلعات المستثمر والمستخدم لها. * التعصب في التشجيع هل يمكن أن نسميه تطرفاً فكرياً رياضياً؟ ولماذا؟ * ليس بالضرورة أن كل تعصب في التشجيع نعده تطرفا فكريا رياضيا. يجب عدم التعميم، لكن نعم هناك حالات من هذا القبيل في مجتمعنا الرياضي ويجب أن يشار لها تحديدا في سياقها الزماني والمكاني. * هل ترى أن التعصب الرياضي وصل مداه وبات الحوار المتزن غائباً؛ أم نعيش عكس ذلك حالياً؟ * المسألة أراها نسبية وإن طغى التعصب الرياضي، فستجد هناك من يطرح طرحا متزناً بناءً مع إيماني التام بأنه يجب عدم منح الفرصة لمن يؤجج الطرح المتعصب ومنح الطرح العقلاني المتزن مزيدا من الظهور والمساحة الإعلامية. * هل ترى أن هناك ثمة علاقة تجمع الرياضة بالثقافة حالياً؟ * نعم وربما يجوز لنا إطلاق مصطلح الثقافة الرياضية. * وهل ترى أن الرياضة ثقافة، وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ * يجب النظر للرياضة بأنها ثقافة.. ثقافة أفراد وثقافة مجتمع وجزء من حياتنا ممارسةً ومتابعةً تعزز روح المنافسة الشريفة وتذكي فينا الروح الرياضية ونبذ التعصب وبناء العقول قبل الأجساد. * الشهرة عالم، كيف يمكن أن تكون شهرة لاعبي الكرة طريقاً لتكريس السلوك الحضاري في حياة النشء؟ * هذه نقطة جوهرية مهمة جدا يجب العمل على تدعيمها وتوظيفها أفضل توظيف. فالنشء لديه شغف بالرياضة والرياضيين ولديه قدوات يتابعهم ويتأثر بهم، ربما أكثر من تأثره بأستاذه أو أسرته. لذلك يجب اختيار وتأهيل هذه القدوات المشاهير ورفع الوعي والمسؤولية المجتمعية لديهم؛ حتى تكون هذه القدوات نموذجا يحتذى به في تدعيم مختلف مظاهر السلوك الحضاري الإيجابي في حياة ناشئينا. * في الرياضة يحصد الفائزون والمتألقون الكؤوس، فما الذي يقابل ذلك لدى المبدعين في المجالات الأخرى ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا؟ * للتحفيز أوجه عدة وليس بالضرورة أن يكون كل تحفيز كأسا أو مادة. أكبر تحفير للمبدعين هو انعكاس إبداعاتهم على رقي الوطن ورفعته والبشرية جمعاء. * كيف صارت لغة المال والاحتراف طاغية على الإبداع والإخلاص عند اللاعبين السعوديين؟ * الأمر هنا يحتاج إلى إعادة نظر ودراسة ويجب أن يكون هناك ارتباط كامل بين ما يقدم وما يحصد. * بين رواتب اللاعبين ورواتب الأكاديميين من يغلب من؟ * الجميع يعرف الإجابة.. * الواسطة "لا تصنع النجوم" هل ترى في الوسط الرياضي نجوماً صنعتها الواسطة؟ * لا أظن ذلك ممكناً، ومن لم يكن نجما حقيقيا سيأفل نجمه مع الوقت. * يقولون إن حرية الكتابة في المجال الرياضي، أكبر منها في الشؤون الأخرى إلى أي مدى تقنعك هذه المقولة؟ * إلى حد ما صحيحة؛ لكنها حتما ستكون نسبية من وعاء نشر لأخر وكذلك بحسب طبيعة الموضوعات المطروحة. * بين القمر والشمس هل هناك ثمة مكان لميولك؟ * القمر يبعث على البهجة في كل مراحله وتزيد تلك البهجة عندما يكون بدراً. * لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟ * لكل رياضي يضع نصب عينه رقي وتقدم رياضة الوطن ونبذ التعصب، لكل رياضي صاحب رسالة سامية تغلب المصلحة العامة على الخاصة. * هل سبق وأن أقدمت على عمل وكانت النتيجة تسلل بلغة كرة القدم؟ * دائما أفضل اللعب في المحور بعيدا عن منطقة التسلل. * العقل السليم في الجسم السليم، عبارة نشأنا عليها رغم خطئها؛ فكم من شخصية عبقرية لا تمتلك جسداً سليماً، باختصار نريد منك عبارة رياضية بديلة لجيل المستقبل؟ * العقل يوّلد فكراً وليس بالضرورة أن يكون الجسم سليما، لذلك من المهم أن نقول: بناء الفكر قبل بناء الجسم. * ما المساحة الحقيقية للرياضة في حياتك؟ * محدودة للأسف هذه الأيام بالرغم من الحاجة لها وخاصة الممارسة. * متى كانت آخر زيارة لك للملاعب السعودية؟ * قبل أكثر من عام ونصف في أولى مباريات دوري العام الماضي. * برأيك هل الملاعب لدينا بيئة جاذبة عطفاً على الخدمات؟ * ربما لا، ولكني لست متأكدا بسبب قلة ذهابي لها. * أي الألوان تراه يشكل الغالبية السائدة في منزلك؟ * البني. * لأي الأندية تدين الغلبة في منزلك؟ * الهلال * البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ * لكل كاره ومخادع لوطنه. * ولمن توجه البطاقة الصفراء؟ * لكل متعصب رياضي. *إن قيض لك اقتحام المجال الرياضي ما الأمر الذي تحسب له ألف حساب؟ * المنافسة الشريفة وبناء القيم. * ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - أولى اهتماماً كبيراً ودعماً غير مسبوق هذا الموسم للأندية من خلال إبرام الصفقات وسداد الديون ويطمح لأن يكون دورينا من أفضل 10 دوريات بالعالم، ماذا ينقص هذا العمل ليتحقق؟. * أيادي سمو ولي العهد فياضة في دعم كل القطاعات ومنها الرياضية إيمانا من سموه الكريم بأهمية هذا القطاع لذلك يجب مساندة هذا التوجه والإيمان به وبنتائجه والدعم الإعلامي المميز له حتى نحقق رؤية وتطلعات ولاة أمرنا بإذن الله. أُفضل اللعب في المحور بعيداً عن التسلل وعلاقة الثقافة بالرياضة قوية * المساحة لك لتوجه روشتة لكافة اللاعبين وكذلك الرياضيين؟ * الرياضة لها رسالة سامية يجب ألا تقتصر على المنافسات وبناء الأجساد، بل يمكن من خلالها بناء منظومة من القيم الإنسانية والاجتماعية والصحية والثقافية والاقتصادية توظف جميعها في رقي الفرد والمجتمع وكذلك تعزيز سمعة ومكانة الوطن إقليمياً وعالمياً. الهلال يسيطر على منزلي مع وفد طلابي من جامعة بكين مع معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران العمر ا.د. القرني في لقاء تعريفي لمركز الترجمة