يمثّل الإعلام سواء المقروء، أو المسموع، أو المشاهد، أو وسائل التواصل الاجتماعي أهمية كبيرة في إدارة الأزمات بوعي مستنير؛ وذلك بتجاوز مرحلة نقل الأخبار والصور المرعبة عن مآسي الأزمات إلى مرحلة التوعية بكيفية الوقاية منها، وإدارتها والتخفيف من أضرارها؛ واضعة في اعتبارها أهمية تمكين المتلقين من التعاطي بصورة إيجابية مع أي تحديات أو أزمات؛ وتجاوز أي أوضاع صعبة والخروج من دوامة المعاناة إلى آفاق مفعمة بالطمأنينة والتفاؤل والإيجابية والأمن الإنساني والسلام الاجتماعي. ومع ظهور فيروس كورونا (كوفيد - 19) واستمرار بقاء الناس في منازلهم؛ وظمأهم للحقائق الموثوق بها؛ كان لا بد للإعلام أن ينهض بالمسؤولية المناطة به في تنويرهم بهذه الأزمة بوعي مستنير من أجل نشر ثقافة الوعي الصحي والوقائي في المجتمعات لمواجهة الفيروس؛ وذلك بتحري الصدق والدقة واستشعار المسؤولية في تقديم المعلومات الحقيقية حوله وطرق انتقاله وأساليب الوقاية منه، وتجنب الإصابة به، والحد من تفشيه وانتشاره؛ فالإعلام معنى بتعزيز الوعي المجتمعي بالمفاهيم والمعلومات الأساسية عن كيفية التعامل مع أي حالة اشتباه. نشير هنا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي بقدر إسهاماتها في تخفيف وطأة أزمة التواصل بين الناس أثناء هذه الجائحة؛ إلا أن بعض عملائها يتحملون جانباً كبيراً من مسؤولية نشر الشائعات والأخبار المفبركة والمعلومات الخاطئة والمضلّلة؛ وهناك متابعة دقيقة وعقوبة لكل من يقوم بتلك الأعمال؛ كونها تنشر الخوف والذعر والهلع في نفوس المتلقين؛ فيما استغل آخرون هذه الوسائل للترويج عن أدوية شعبية، أو وصفات أخرى لعلاج مرضى كورونا؛ من دون أن يضعوا في اعتبارهم أنهم بهذا التصرف اللا مسؤول يعرضون الصحة الإنسانية للخطر؛ وقد يكون ذلك صادراً عن الجهل والاجتهادات الخاطئة. الإعلامي سواء كان في الصحف أو القنوات الفضائية، أو وسائل التواصل الاجتماعي معني بألا ينشر إلا المعلومة الصحيحة عند تناوله للجائحة من أجل ألا يتسبب في بث الرعب والخوف في نفوس المتلقين، وأن يبتعد عن التهويل والمبالغة في الطرح الإعلامي لهذا الفيروس؛ كأن يصفه ب"الفتاك" أو "المدمر"؛ لكيلا يتسبب في نشر الهلع في نفوس الناس؛ وبدلاً من أن يكون عنصر تخويف للناس عليه أن يبث الاطمئنان في نفوسهم بطرح إعلامي إيجابي يركّز فيه على الوسائل والإجراءات الاحترازية الواجب اتباعها لمنع تفشي الفيروس؛ ولأن دور الإعلام أصبح أكثر أهمية للقابعين في منازلهم للوقوف على تطورات الجائحة؛ يجب أن تكون الرسالة الإعلامية مطمئنة لهم بأن هذه الجائحة مصيرها الزوال مثل ما زالت كثير من الأزمات الإنسانية السابقة؛ فلنضع حداً لشائعات التواصل الاجتماعي بالتكاتف، ونشر التوعية بالابتعاد عن الأخبار المضللة والمعلومات الكاذبة والحصول عليها من مصادرها الأساسية، وعدم الإنسياق خلف الأكاذيب؛ ومحاربة الخوف غير المبرر بالمعلومة الصحيحة، والابتعاد عن التهويل؛ مع ضرور مراقبة ما يكتب ويتم تناقله من معلومات خاطئة، ومضللة خصوصاً في وسائل التواصل الاجتماعي، وتصحيح المفاهيم حولها، ومعاقبة من يروج لها.