يستعد الأوروبيون لبدء تنفيذ أولى خطوات الخروج من العزل، إذ إلى جانب فتح سويسرا لأبواب متاجرها، يعود رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى ممارسة عمله، لكن المعركة مع فيروس كورونا المستجد لم تنتهِ بانتظار إيجاد لقاح أو علاج ملائم. وحتى الآن، تخطت الوفيات الناجمة عن الفيروس 200 ألف، وعدد المصابين به ثلاثة ملايين حول العالم، لكن تفشي الوباء ووفياته بدأت بالاستقرار في الدول الأوروبية الأربع الأكثر تضرراً منه. وسجلت تلك الدول الأحد انخفاضاً ملحوظاً بعدد الوفيات اليومية. وفي إسبانيا، سمح للأطفال اعتباراً من الأحد الخروج من بيوتهم بعد ستة أسابيع من الحجر، لكن وسط قيود تفرض عدم التقارب. تقدم الحكومة الإسبانية بدروها اليوم الثلاثاء خطتها لتخفيف تدابير العزل الذي مدد حتى 9 مايو، يتوقع أن يبدأ تنفيذها منتصف مايو. ويكشف رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب أيضاً اليوم عن "الاستراتيجية الوطنية لخطة رفع العزل"، التي يفترض أن تبدأ في 11 مايو خصوصاً مع فتح تدريجي لكن مثير للجدل للمدارس. ويفترض أن تعلن إيطاليا أيضاً مطلع الأسبوع عن الإجراءات التي تخطط لاتخاذها اعتباراً من 4 مايو. لكن المدارس في هذا البلد تبقى مغلقة حتى سبتمبر. في النرويج، فتحت المدارس أبوابها أمس الاثنين. وحان دور الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ست وعشر سنوات ليعودوا إلى مقاعدهم، بعد أسبوع من فتح الحضانات، لكن الصفوف ستضم 15 تلميذاً فقط. في الصين التي ظهر فيها الفيروس أواخر العام الماضي، يعود طلاب الثانويات والجامعات الاثنين إلى صفوفهم، وسط قيود مشددة مثل فرض ارتداء الأقنعة وقياس الحرارة، في بكين وشنغهاي، بعد أربعة أشهر من الغياب. وكانت المدارس أغلقت أبوابها في مختلف أنحاء البلاد منذ يناير. لكن تمكنت الصين من السيطرة على المرض بعدما سجلت 4633 وفاة وفق الأرقام الرسمية. مع ذلك، تخشى السلطات موجة جديدة من الإصابات "المستوردة"، غالبيتها لصينيين عائدين إلى البلاد. وسجلت الصين أمس الاثنين ثلاث إصابات جديدة فقط بفيروس كورونا المستجد، بدون أي وفيات جديدة مرتبطة بالفيروس لليوم الثاني عشر على التوالي. وذكرت السلطات الصحية في الصين أمس أن 723 شخصاً ما يزالون يخضعون للعلاج في المستشفيات، وتم عزل أقل من الألف شخص بقليل للاشتباه في إصابتهم بكوفيد -19 دون ظهور أعراض. وتتصدر الولاياتالمتحدة دول العالم من حيث عدد حالات الإصابة والوفاة، تليها من حيث الإصابات إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وتركيا وإيران والصينوروسيا والبرازيل. وبلغت أعداد الإصابات في الولاياتالمتحدة نحو 987 ألف إصابة إلى جانب أكثر من 55 ألف وفاة، وسجلت إسبانيا نحو 227 ألف إصابة ونحو 23 ألف وفاة. وسجلت إيطاليا نحو 198 ألف إصابة ونحو 26 ألف وفاة. أما الصين، البؤرة الأولى للفيروس، فسجلت 82 ألفاً و830 إصابة و4633 وفاة. وتوقع المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن تصل روسيا إلى ذروة تسجيل حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا بحلول منتصف مايو، وأن الوضع سيصبح أفضل في يونيو. وقال في مقابلة مع صحيفة "أرجومينتي إي فاكتي" الأسبوعية إن الصعوبات الحالية المرتبطة بفيروس كورونا ستختفي "في غضون شهرين". وأضاف: "يبدو لي أن كل هذا لن يستمر لفترة أطول"، مشيراً إلى أن المرحلة الحرجة من الوباء في إيطاليا وإسبانيا استمرت لمدة شهر ونصف كحد أقصى. وقال بيسكوف: "في مرحلة ما في منتصف مايو، يجب أن نصل إلى هذه الذروة. وبعد ذلك، سيكون الوضع أسهل في الشهر الأول من الصيف". ونقلت وكالة "تاس" الروسية عنه القول إنه سيتعين على الجميع حينذاك العمل بجد من أجل تقليل تبعات الوباء على حياتهم. وقال: "هذه الفترة أيضاً ستكون صعبة، ويجب بذل جهد كبير". من جانب آخر قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال لقاء عبر تقنية الفيديو كونفراتس مع رؤساء وزراء الولايات إن إجراءات الإغلاق سوف تستمر في المناطق الأكثر تضرراً من فيروس كورونا. ونقلت شبكة ان دي تي في عن مودي القول "لا يوجد حاجة للقلق بشأن الجانب الاقتصادي. اقتصادنا في حالة جيدة". وتباينت آراء روؤساء وزراء الولايات ما بين مطالب بإنهاء إجراءات الاغلاق ومؤيد لتمديدها للحد من تفشي فيروس كورونا. وقالت مصادر إن مودي طالب جميع الولايات بإعداد خطط للخروج من الإغلاق، وذلك من خلال ترسيم المناطق بناء على مستوى تفشي الفيروس بها. ومن المرجح استئناف الأنشطة الاقتصادية في المناطق الأقل خطراً. ولكن سوف يتم استئناف النشاط التجاري مع اتباع إرشادات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات. ومن المقرر الإعلان عن القرار النهائي بشأن إجراءات الاغلاق بعد الثالث مايو المقبل، عندما تنتهى فترة الإغلاق الحالية، وأضافت المصادر أن الولايات طلبت حزمة مالية من الحكومة المركزية. ومن المقرر استمرار القيود المفروضة على وسائل النقل العام، بالإضافة إلى استمرار إغلاق المدارس والجامعات وحظر التجمعات الدينية. في سياق آخر أعلنت روسيا الاثنين اجتماعاً مقبلاً لقادة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن سعياً إلى توحيد جهودها لمواجهة وباء كوفيد-19 بعدما حضها الأمين العام للأمم المتحدة على ذلك. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مداخلة عبر الفيديو نقلها التلفزيون إن "الأعضاء الخمسة يبحثون احتمال مساهمتهم في مكافحة فيروس كورونا". وأضاف "لهذا الغرض، تمت الموافقة مبدئياً على عقد اجتماع عبر الدائرة المغلقة. يبقى أن نعرف في أي يوم يمكن أن يتم (الاجتماع)، سيتخذ قرار بذلك". وأكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين الاثنين إن موعد الاجتماع "لم يحدد بعد". والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن هي روسيا وفرنسا والصين وبريطانيا والولاياتالمتحدة. وفي منتصف أبريل، حض الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الدول الخمس على توحيد موقفها في مواجهة كوفيد-19 الذي أودى بأكثر من مئتي ألف شخص في العالم. وأحد الأسباب الرئيسة للانقسام الذي يسود مجلس الأمن هو الخلاف بين واشنطنوبكين على المنشأ الصيني للفيروس المستجد. وفي بداية الشهر الحالي، بادر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ونظيره الأميركي دونالد ترمب إلى تنظيم اجتماع طارئ عبر الفيديو للأعداء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن للتصدي للوباء في مناطق النزاعات. وأوضح ماكرون أن الاجتماع جاء "دعماً للنداء" الذي وجهه غوتيريش من أجل وقف عالمي لإطلاق النار.