الخميس، 16 إبريل الجاري، تلقيت رسالة من العزيزة في قناة "العربية" ندين خليفة، تتضمن دعوة للمشاركة في ورشة تدريبية، حول "التحقق من الأخبار والصور ومقاطع الفيديو"، مقدمة من "مبادرة غوغل للأخبار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا". الورشة كانت مفيدة في تزويد وتذكير الصحافيين بمجموعة من الأدوات الفعالة والضرورية، خصوصاً في مثل هذا الوقت الذي يصاب فيه الكثيرون بالحيرة، أمام سيل المعلومات المتدفقة، والتي لا يعرفون كيف يميزون بين الصحيح منها والسقيم؛ من هنا، تكون مسؤولية الصحافيين أكبر، بهدف التأكد من المعلومات ودقتها قبل نشرها. هنالك نمط عمل انتقل من وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً من "مشاهير السوشال ميديا"، وصار -للأسف- مؤثراً وضاغطاً على المؤسسات الصحافية. هذا النمط، أساسه: السرعة، الإثارة، أرقام المتابعين! صحيح أن من مهام الصحافي البحث عن "السبق"، وإنتاج قصص تكون محل اهتمام الناس، وله الحق في أن يطمح بمتابعين كُثر. ولكن السؤال الأهم: ما السبيل إلى ذلك؟ التنافس المحموم داخل المنصات الاجتماعية، دفع في كثير من الأحيان إلى نشر محتوى يفتقد للعلمية، وبعيد عن المهنية، فضلاً عن كمٍ من الأخبار الكاذبة، والمضللة، والمضخمة، دون البحث عن مصادرها. وهو تنافس سلبي، جعل "الموثوقية" تغيب، ويصبح تطبيق مثل "واتس أب" مصدراً للمعلومات، في حين أنه مجرد ناقل لها! العمل يزداد تعقيداً عندما يكون الموضوع طبياً، يتعلق بفيروس مثل كوفيد-19، خصوصاً أن "الصحافيين الطبيين" قلائل جداً عربياً. من هنا، تأتي أهمية التدريب المستمر، لتعلم مهارات جديدة، والتعرف على أدوات تساعد في كتابة قصة صحافية بشكل علمي، بعيداً عن اللغة التي تستخدم عادة في تغطية الأخبار السياسية أو الأحداث اليومية الاعتيادية؛ فلكل حقل أسلوبه، وإن تشابهت الخطوط الرئيسة: الدقة، الموضوعية، المهنية، الحياد، الموثوقية، الصدقية. هنالك مواقع مفيدة في رفد الصحافيين بأدلة للعمل في ظل الأزمات، وفي أسلوب كتابة الأخبار العلمية، وطريقة الحصول على المعلومات من محركات بحث مختصة، وكيفية رصد الأرقام والبيانات وتحليلها والمقارنة بينها، فضلاً عن تلك المواقع التي تساعد في التحقق من صحة الفيديوهات والصور التي يتم نشرها وفبركة بعضها، أو توجيهها لأهداف سياسية أو اقتصادية. "شبكة الصحفيين الدوليين"، نشرت مادة ثرية، تضم "موارد للصحفيين لفهم الدراسات الطبية"، من ضمنها "دليل لكتابة الأخبار الطبية". كما قدمت "الشبكة الدولية للصحافة الاستقصائية" عدداً من النصائح للمراسلين الميدانيين لحفظ سلامتهم، أثناء تغطية أخبار فيروس كوفيد-19، مع عدد من التحقيقات الاستقصائية لقضايا مرتبطة بالفيروس. هذه الموارد، ليست مجرد مواد مساعدة، بل هي "عدةُ عملٍ" لا يمكن الاستغناء عنها، إذا أردنا تقديم مادة مبنية بشكل مهني متزن، تثري القارئ أو المشاهد، وتدفعه نحو مزيد من المعرفة والتعلم. التكوين الرصين، والتمكن من الأدوات، هما ما يشكلان الفرق بين صحافة تبحث عن مجرد الأرقام، وأخرى تحترم عقول الناس ولا تتلاعب بتفكيرهم في هذه الأوقات العصيبة.