منذ الأسبوع الماضي وحتى أمس، انضمت شركتان وجامعة واحدة إلى سباق لقاح الكورونا، ليصبح عدد اللقاحات التي تمر بالتجارب السريرية ستة، وبعد أن كانت الشركات التي تعمل على تجارب سريرية شركتين أميركيتين وشركة صينية، أصبح اليوم في القائمة ثلاث شركات صينية، وإن كانت قائمة السباق طويلة، حيث بلغت سبعين شركة تعمل على تحضير اللقاح، ولم تبلغ التجارب السريرية بعد، فإن رمزية الوصول إلى مراحل متقدمة في السباق له دلالته الاقتصادية، فقائمة التجارب السريرية للقاح كورونا تظهر سباقا بين الصين وأميركا، مع انضمام بريطانيا ممثلة بجامعة أوكسفورد مؤخرا. وكما ذكرت في المقالة السابقة، فإن الاختبارات السريرية تمر بثلاث مراحل يتدرج فيها الاختبار في زيادة عدد المشاركين فيه، والسؤال الذي يصعب الإجابة عليه هو، متى يصدر اللقاح؟ وحسبما توضحه البيانات المتاحة حتى الآن عن التجارب السريرية، فإن أقرب الشركات إلى إنتاج اللقاح تتوقع الانتهاء من تجاربها بنهاية السنة، أما الشركات الأخرى فتتوقع نهاية تجاربها بعد سنة من اليوم على الأقل، وتجري هذه التقديرات على ما هو متوقع من الاختبارات السريرية قبل البدء في الإنتاج. على سبيل المثال، اللقاح الذي تعمل عليه جامعة أوكسفورد لقاح علاجي، بينما اللقاحات الأخرى للمناعة فقط، وحسب المعلومات التي أصدرتها الجامعة فإن الدراسة ستنتهي في مايو من السنة القادمة. ففي المرحلة الأولى سيعطى اللقاح مرة واحدة ثم يتابع تأثيره بعد ستة أشهر، مع احتمال الحاجة إلى المتابعة بعد ستة أشهر أخرى. ويجرب اللقاح الآن على عينة عشوائية من ألف متطوع يقسمون إلى أربع مجموعات، في كل مجموعة يُعطى المتطوع إما لقاح التجربة أو لقاح آخر دون علمه، لتجري المقارنة لاحقا بين اللقاحين، وفي أثناء المراقبة يعين الباحثون مؤشرات رئيسة للقياس ومؤشرات ثانوية، في تجربة لقاح أوكسفورد تجري المراقبة على مؤشرين رئيسين، وأحد عشر مؤشرا ثانويا، ولأن اللقاح موجه للعلاج، فسيكون من المؤشرات التي تتابع في عينة الاختبار عدد الوفيات والحالات الحرجة إضافة إلى حالات الشفاء، إلا أن تأثير اللقاح على الفيروس ليس المؤشر الوحيد، إنما يهتم الباحثون بملاحظة أعراض قد يسببها اللقاح نفسه. السباق الذي تعبر عنه الشركات في قائمة الاختبارات السريرية سباق غير مباشر في مضمار السياسة والاقتصاد، وقد يكون هذا السباق مؤشرا لتحولات أخرى في المستقبل، ومع التقدم الذي نلحظه اليوم في سباق اللقاح، ربما لن يصل اللقاح إلا متأخرا عن الوقت الذي يتمناه الجميع، كما تشير إليه تصريحات كثيرة تستعجل العودة إلى الحياة الطبيعية، ربما تتمكن الدول في العودة إلى نمط الحياة تدريجيا بعد السيطرة على المرض، وربما يزداد عدد المتعافين في بعض الدول حتى يصل إلى مستوى مناعة المجتمع، إلا أن العودة إلى الحياة كما كانت على مستوى العالم مازال بعيداً.