شدّني تصريح نُسب إلى معالي وزير البيئة مفاده أن معدل الهدر الغذائي في المملكة سنويا يتجاوز 33 % بما قيمته 40 مليار ريال سنويا، هالني هذا الرقم وأدركت أننا أمام أزمة عظيمة اسمها بالمصطلح الشرعي (كفر نعمة) ألم يكن أجدادنا يعملون الليل والنهار على أن تُملأ بطونهم أو ربما على أن يُعطى أحدهم في نهاية اليوم ملء الكف من التمر! ما أسرع ما نسينا يوم أن كانت بيوتنا من الطين وشوارعنا ممهدة من التراب وثيابنا ممزقة ولا نعرف إلا صنفا واحدا من الطعام أو صنفين.. ومن لم يدرك فليسأل والده وجده أو جدته! صدق الله: "إن الإنسان لربه لكنود" قال الطبري: إن الإنسان لكفور لنعم ربه، وجاء في بعض الآثار "أن النعم إذا شكرت قرّت وإذا كفرت فرّت". ألا يلتفت أحدنا إلى ما حولنا من البلدان والقرى التي تصيبها المجاعات، ويهلك أهلها جوعا في إفريقيا وغيرها؟ أليس لنا بهم معتبر! إن هذا التصريح يدمي القلب ويفطر الفؤاد.. وأفجع منه ما تناقلته بعض وسائل التواصل قبل فترة عن اعتذار إحدى شركات التدوير المرموقة عالميا عن العمل على تدوير المخلفات في المملكة والسبب أن 80 % منها تعود إلى أصول غذائية. هذا أمر يستدعي استنفار جميع مؤسسات الدولة لإدراك هذا الخطر الداهم الذي يهدد الأمن الغذائي. ألم توقظنا أزمة كورونا على أن أكبر الدول وأغناها قد تتسول إذا رفع الله عنها ستره وجميل فضله؟ ألم نعتبر من هذا الحدث أن الذي يعطي ويمنع ويقبض ويبسط هو الله جل جلاله؟ إن الهدر للأسف تشترك فيه البيوت والمطاعم وقصور الأفراح والفنادق وغيرها. وما تقوم به جمعيات حفظ النعمة من جهود كبيرة في هذا الصدد نتفق جميعا على أنها لا تخدم إلا من يتواصل معهم وهم نسبة قليلة جدا. ومن باب أن نكون عمليين أكثر هذه بعض المقترحات: سن لائحة عقوبات مالية وغيرها على الهدر الغذائي تتولى البلدية مع وزارة البيئة تنفيذها، وتعود استحقاقات الرسوم للجمعيات العاملة في المجال. إنشاء جمعيات متخصصة في التدوير للأغذية والأدوية وغيرها. توفير وتوزيع أجهزة منزلية بأسعار مدعومة لتدوير بقايا الطعام إلى أسمدة أو غذاء للحيوانات والطيور. إنشاء شركة أو شركات غذائية لتولي إعادة تأهيل الطعام وبيعه ب 25 % من القيمة أو توزيع الصالح منه للأكل الآدمي أو الحيواني. أن تقوم البلديات بإلزام المطاعم والفنادق وقصور الأفراح بالتعاقد مع مثل هذه الشركات. الاطلاع على تجارب الدول الأخرى والإفادة منها في عمليات متابعة الهدر في كل المجالات (الغذاء، المصانع، المستشفيات، الورش، المدارس). بث التوعية والثقافة الغذائية وبالأخص في المطاعم والبوفيهات المفتوحة وغيرها.