في ظل جائحة فيروس كورونا تختبر الشعوب حكوماتها في إدارة الأزمة وقيادة الدولة، فالخطابات الجوفاء والهتافات الصماء في هذه الأزمة لا تشفي المرضى ولا تعيد الأرواح ولا تضمد الجراح، كلها لا تُجدي إلا إذا كانت مقرونة بآليات مفعلة وأدوات مسيطرة واستراتيجيات قادرة على تخطي هذه الأزمة واحتواء الوباء وحماية الإنسان، في هذه الأزمة وقفت الحكومات أمام تحدٍ فاق في بعض الدول قدرتها على مجابهة الفيروس والسيطرة عليه، على الرغم من قوة اقتصادياتها، فخطره يكمن في أنه عدو خفي قوي يتميز بالسرعة والتخفي وهنا تكمن صعوبة مواجهته، كما تبرز قوة الشعوب وحكوماتها في احتواء هذا الوباء وهذا لا يتأتى إلا للدول القوية في جوهرها وإدارتها وسياستها وقادتها وصناع القرار فيها، وأيضاً قوة شعبها وإيمانه بدولته وثقته في قدرة وطنه على حمايته بعد رعاية الله سبحانه وتعالى. فالدول بقاداتها وشعوبها معاً ومدى الثقة والانسجام بينهم يولد عنه استراتيجيات مفعلة على أرض الواقع تستطيع من خلالها تجاوز هذه الأزمة - بإذن الله - بأقل الخسائر البشرية، وهذا يتجلى في قرارات هذا الوطن الشامخ بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده وجهود الأجهزة الوطنية الحثيثة المتواصلة والتكاملية واستجابة شعبها الأبي. في حين أن دولاً كبيرة تعاني أزمة إدارة الأزمة، حيث تكشف ضعف إدارتها وقدرتها على رسم استراتيجيات ذات كفاءة وبخطة زمنية قابلة للتطبيق بفعالية مما خلق أزمة إضافية على أزمة كورونا، بل حتى على المستوى الإقليمي والتحالفات الدولية نجد هشاشة في هذه التحالفات كالتحالف الأوروبي الذي برهن على ضعف هذا التحالف وعدم إمكانيته من تفعيل دوره ومساعدة الدول المنكوبة وأخذت كل دولة فيه بمنأى عن الأخرى تدير أزمتها منعزلة وتلملم جراحاتها منفردة، وهذا ما لا نراه في مجلس التعاون لدول الخليج العربي الذي يبرز فيه وحدة القرار والهدف وتبادل المعلومات والاستراتيجيات وإدارة توقيت الأزمة، ونحن هنا نقف إجلالاً أمام وطن عظيم انتهج سياسة مميزة في إدارة الأزمة وإدارة الوقت وإدارة الإنسان وفق استراتيجيات فعالة وسباقة ترجمت على أرض الواقع وسخرت وجندت لها الموارد المالية والبشرية التي بعون الله تحول دون تفاقم الأزمة وانتشار الفيروس وحماية أبناء الوطن في الداخل والخارج، بل وشملت إنسانية هذا الوطن وعطاؤه المقيمين ومخالفي الإقامة أيضاً.