مثّلت الجهود الاتصالية التي نسقتها المملكة لعقد قمة افتراضية عاجلة لمجموعة العشرين لمكافحة فيروس كورونا المستجد نقطة تحول في طريقة تعاطي العالم مع الجائحة. وجسّدتْ دعوة المملكة موقعها الريادي وقدرتها على صناعة الأحداث والمبادرات لجذب الخبرات الدولية إلى نقطة تشاركية ومن ثم توحيد جهود المكافحة بتحديد المتطلبات الأساسية لتخفيف آثار الجائحة على الشعوب والاقتصاد العالمي. لقد جاءت دعوة المملكة لعقد القمة العاجلة بمثابة توجه كوني جديد لتشكيل محور عالمي لمكافحة تفشي الوباء، ولاستعادة الثقة في الاقتصاد العالمي وضمان سلاسة حركة الإمدادات العالمية واتخاذ ما يلزم من تدابير حيال ذلك. ظلت المملكة في قلب الحدث منذ بدايات تشكُّل الأزمة، ومثّل الموقف التضامني للمملكة مع انطلاق الأزمة خطوة استباقية في جهود حصار الجائحة وتعزيز وسائل المكافحة عبر توفير مجموعة من الأجهزة والمستلزمات الطبية شكّلت دعماً طبياً ومعنوياً مهماً كما صرح سفير الصين مشيداً في ذلك بحسّ المملكة الإنساني. وللتأكيد على مكانتها في المنظومة الدولية عززت المملكة رسالتها الكونية العابرة للحدود في الاستجابة الفورية للنداء الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية للإسهام في جهودها في ظل تناقص مواردها فدعمتها المملكة ب10ملايين دولار. ما تتشاركه المملكة من مواقف داعمة تتعدى كل الحواجز التي تحول دون الوصول إلى الإنسان ومتطلباته وتحديداً في مثل هذه الظروف، التي وحّدت الأزمة فيها العالم، وألغت خلافاته بهدف الوقوف أمام عدو يستهدف الإنسان، لقد كان الإنسان وصحته محور خطاب خادم الحرمين الشريفين في قمة العشرين حيث دعا - حفظه الله - المجموعة إلى اعتماد الشفافية وتبادل البيانات المتعلقة بعلم الأوبئة، وتعزيز الأنظمة الصحية العالمية، وتلبية الطلب المتزايد على الإمدادات الطبية. لقد وجدت الدروس التي استلهمتها المملكة من هذه الجائحة، وحولتها إلى خبرات تتشاركها مع سكان المعمورة إشادة خاصة من د. تيدروس ادهانوم المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ملمحاً إلى أن هذا (ما تعنيه الصحة للجميع) مشيداً في الإطار ذاته بمبادرة خادم الحرمين الشريفين بتقديم العلاج مجاناً لجميع المقيمين ومخالفي نظام الإقامة في كل ما يتعلق بالعلاج من الوباء، آملاً أن تحذو دول أخرى حذو المملكة. وفيما تعيد جائحة كورونا ترتيب المشهد الدولي على نحو غير مسبوق وتكشف عن الكثير من النواقص والثغرات في طريقة تعامل بعض الدول مع الجائحة المستفحلة وتحديداً في جانبها الإنساني، تضرب المملكة أروع الأمثلة في التعاطي مع الأزمة بمشاعر إنسانية خالصة ودونما تمييز، معتمدةً على إرث عريق من المواقف والمبادرات المميزة عكفت عليها منذ تأسيسها وشهدت عليها مواقع أزمات عديدة. المملكة اليوم لا تحظى بالاحترام فقط لجهة معالجتها للأزمة بمنتهى الكفاءة، بل إنها باتت تتشارك خبراتها ودروسها المجربة في دعم الجهات المعنية بأمر الصحة مع العديد من المنظمات العاملة في المجال. * متخصص في الاتصال والعلاقات العامة