تأسست مجموعة العشرين عام 1999بهدف تفعيل التعاون لمواجهة الأزمات المالية، وهي كما يعلم الجميع منتدى يمثل ثلثي التجارة في العالم و90% من الناتج العالمي الخام، تجتمع هذه الدول سنويًا بغية نقاش قضايا أساسية في الاقتصاد العالمي. لكن الوضع الصحي الذي يمر به العالم كله دعا المملكة المستضيفة للقمة إلى أن تكون هذه المرة قمة استثنائية لمناقشة تنسيق الجهود العالمية لمكافحة جائحة كورونا والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي، بغية الوصول إلى نتائج مثمرة تتعلق بسلامة مستوى العالم بأسره، دعا فيها خادم الحرمين الشريفين إلى ضرورة تعزيز تمويل أعمال الأبحاث لتطوير لقاح الفايروس (كورونا) والعمل على تقوية إطار عالمي لمكافحة الأمراض المعدية مستقبلا، لأن تأثير هذه الجائحة توسع ليشمل الاقتصادات والأسواق المالية والتجارة وسلاسل الإمداد العالمية. إن الواقع الذي يعيشه العالم فرض أن تغير هذه القمة الاستثنائية مسارها من الاهتمام الاقتصادي والسياسي إلى الاهتمام الصحي الذي لاشك ينعكس على المسار الاقتصادي، فجائحة كورونا تتطلب تمويل أعمال البحث والتطوير سعياً للتوصل إلى لقاح لهذا الفايروس، وجاءت على عكس قمة (أوساكا) التي هيمنت عليها مناقشات مثيرة للجدل تتعلق بالتجارة والتوترات السياسية التي تجتاح العالم والمتغيرات المناخية. فالقمة الاستثنائية كما جاءت نتائجها في البيان الختامي، التزمت ببذل كل ما يمكن للتغلب على هذه الجائحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي، والأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى لحماية الأرواح، والحفاظ على وظائف الأفراد ومداخيلهم واستعادة الثقة وحفظ الاستقرار المالي وانتعاش النمو، ودعم وتيرة التعافي القوي، ولعل من بين أبرز نتائج هذه القمة الاستثنائية هو ضخ مجموعة العشرين مبلغ (5) تريليونات دولار في اقتصاد العالم لمعالجة آثار الوباء، وكما قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في ختام كلمته في القمة الاستثنائية بإن مجموعة العشرين كانت قد أثبتت من قبل فعالياتها في التخفيف من حدة الأزمة المالية العالمية وقدرتها على تجاوزها، فبالتعاون المشترك سيتجاوز العالم بأسره هذه الأزمة والمضي قدماً نحو مستقبل ينعم فيه الجميع بالرخاء والصحة والازدهار، إن دعوة المنظمات بما فيها منظمة الصحة العالمية وصندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي لتخصيص حزمة الأدوات الخاصة بهم في سبيل تجاوز هذه الجائحة، يعد عملاً صائباً في الاتجاه الصحيح.. والحالة تستدعي التزام مجموعة العشرين بإتخاذ الإجراءات الصحية كافة والعمل على ضمان التمويل الملائم لاحتواء الجائحة وحماية الأفراد مع توسيع القدرات الانتاجية لتلبية الطلب المتزايد على الإمدادات الطبية.. وبأسعار ميسورة، ولقد رأينا كيف كان وضع ايطاليا وهي تقف عاجزة مادياً وطبياً عن مواجهة ومكافحة هذا الوباء الذي استشرى في كافة المدن الايطالية الأمر الذي دعا الكثير من الدول لتقديم العون لها بصفة فردية، فالعمل والتضامن والتعاون الدولي كما جاء في البيان الختامي لهذه القمة الاستثنائية أصبح ضرورياً أكثر من أي وقت مضى لمعالجة هذه الجائحة.