تبدأ دول أوروبية عدة الخروج من حالة الإغلاق بعد تباطؤ تفشي فيروس كورونا على أراضيها، محذّرة في الوقت نفسه بأن الطريق نحو التعافي والعودة إلى الحياة الطبيعية لا يزال طويلا. وغداة موافقة السلطات الإسبانية على عودة عمال البناء والمصانع إلى أعمالهم شرط وضع الكمامات التي تم توزيعها على نطاق واسع، بدأت النمسا الثلاثاء الخروج من حالة الإغلاق مع إعادة فتح حذر للمحال التجارية الصغيرة والحدائق العامة. وتقول أنيتا كاكاك (75 عام) وهي متقاعدة خرجت للتمتع بالشمس بالقرب من محطة قطار ويستبانهوف في فيينا "إني سعيدة لتمكني من الخروج وشراء الزهور من جديد". ويبدي إيفان سافيتش، وهو صاحب مطعم، أمله بأن تنعش عودة الزبائن عمله. ويقول "في الوقت الراهن انخفضت إيراداتي بنسبة 90 بالمئة فيما توفر مبيعات التسلّم والمغادرة القليل من العمل لموظفينا". ويضيف "لدي مصاريف ثابتة قدرها 20 ألف يورو، وقد تلقيت مساعدة مالية من الدولة قدرها ألف يورو". وعلى الزبائن وضع كمامات والتقيّد بقواعد التباعد. وسُجل في النمسا أقل من 400 حالة وفاة بوباء كوفيد-19، مقابل عدد سكان يبلغ 9 ملايين نسمة، يماثل عدد سكان مدينة نيويورك وحدها. وينوي عدد من البلدان الاقتداء بالنمسا في تخفيف القيود المفروضة. وفي ألمانيا حيث نسبة وفيات كوفيد-19 منخفضة مقارنة بالدول المجاورة يتوقّع أن يتم الإعلان الأربعاء عن تخفيف القيود المتفاوتة بين منطقة وأخرى. لكن رئيس أكاديمية ليوبولدينا للعلوم التي تتقيّد السلطات الألمانية بتوجيهاتها حذّر الثلاثاء بأن الملاعب وصالات الحفلات الموسيقية يمكن أن تبقى في أسوأ السيناريوهات أن تبقى فارغة لمدة 18 شهرا. -"استقرار"- الإثنين أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تمديد الحجر وإعادة فتح تدريجية لدور الحضانة والمدارس في 11 أيار/مايو، في فرنسا، أحد اكثر البلدان تضررا من الوباء (15 ألف حالة وفاة)التي اتخذت هذا الإجراء. وقال الرئيس الفرنسي إن الوباء بدأ يتباطأ، معلنا أن الحانات والمطاعم ودور السينما ستبقى مغلقة حتى إشعار آخر، وكذلك الحدود مع الدول غير الأوروبية. وألغيت في فرنسا غالبية المهرجانات الثقافية الصيفية. وفي إيطاليا، التي تشهد إغلاقا شبه عام منذ نحو شهر وسجلت 20 ألف حالة وفاة، يُصرح لبعض المؤسسات مثل المكتبات ومراكز غسيل الملابس باستئناف نشاطها الثلاثاء في بعض المناطق. وفي مكتبتها في صقلية تبدي ماريا دي جوفاني تفاؤلا سعادتها لعودة الزبائن وتقول "إنه عيد"، مضيفة أنها تطلب من الزبائن التقيّد بقواعد التباعد. في إيسلندا يبدأ تخفيف القيود اعتبارا من 4 أيار/مايو مع إعادة فتح المدارس والجامعات. وأدى فيروس كورونا المستجد، بعد أربعة أشهر من ظهوره في الصين ، إلى وفاة اكثر من 120 ألف شخص وإلزام أكثر من نص عدد سكان العالم بالعزل. وحذرت منظمة الصحة العالمية الإثنين بأن فيروس كورونا المستجد أكثر فتكا بعشر مرات من الفيروس المسبب لإنفلونزا "إتش1 إن1" التي ظهرت في آذار/مارس 2009 في المكسيك، داعية إلى رفع الحجر المنزلي "ببطء". وأقر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو من جنيف بأن "عهد العولمة يعني أن مخاطر معاودة ظهور كوفيد-19 وانتشاره ستستمر". وتابع "في نهاية المطاف، سيكون من الضروري التوصل إلى لقاح دائم وفعال وتوزيعه لوقف انتشار العدوى بشكل كامل". والثلاثاء أعلنت الصين أنها وافقت على إجراء اختبارات سريرية على البشر للقاحين تجريبيين إضافيين مضادين لفيروس كورونا المستجد، في إطار الجهود الدولية للتصدي للجائحة، مؤكدة أن لقاحا تجريبيا "بدأ المرحلة الثانية من الدراسات السريرية". وفي نيويورك، قال حاكم الولاية آندرو كومو "نحن في طور السيطرة على تفشي" الفيروس، مضيفا أن استئناف الحياة الاجتماعية والاقتصادية ينبغي أن يتم "بعناية وبطء وذكاء". وحثّ كومو سكان نيويورك على الاستمرار في اتباع إرشادات التباعد الاجتماعي، قائلاً إن "يومين أو ثلاثة أيام من السلوك المتهور" يمكن أن تعيد الحرب ضد الوباء لنقطة البداية. وعلى مستوى الولاياتالمتحدة، حيث يحصد الوباء يوميا حياة نحو 1500 شخص، فإن قرار "اعادة فتح" الاقتصاد سيكون "الأكثر اهمية في حياتي" حسبما أقر ترامب. وقدر مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الاوبئة أنتوني فواتشي أن الاقتصاد قد يتعافى تدريجيًا في أيار/مايو بفضل بداية التحسن في المؤشرات الرئيسية لإنتشار الوباء. ونفى البيت الابيض وجود نية لدى الرئيس لإقالة فواتشي. -قلق في روسيا- ويبدو أن العودة إلى العمل، التي تسير بشكل جيد في الصين بعد رفع تدابير الاحتواء، بعيدة كل البعد عن جدول أعمال العديد من البلدان. ففي الهند، أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي أن الإغلاق العام في الهند المفروض نتيجةً لتفشي فيروس كورونا المستجد والذي يطال 1,3 مليار شخص، سيمدد حتى 3 أيار/مايو. وفي المملكة المتحدة، أعلن وزير الخارجية دومينيك راب، الذي ينوب عن بوريس جونسون مؤقتا في رأس الحكومة، أنه لا ينبغي رفع "الإجراءات المعمول بها حاليًا" على الفور، حيث أن البلاد "لم تتجاوز بعد ذروة" الوباء. ويمضي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فترة النقاهة في قصر هو المقر الريفي لرؤساء الحكومة منذ 1921، بعد تعافيه من وباء كوفيد-19. وفي روسيا تم تسجيل 778 وفاة جديدة بكوفيد-19 الثلاثاء(مقابل 717 وفاة جديدة سجّلت الإثنين)، ما يرفع إلى 12 ألفا الحصيلة الإجمالية لوفيات الوباء على الأراضي الروسية. على الصعيد الاقتصادي، أعلن صندوق النقد الدولي الثلاثاء أن وباء كوفيد-19 يدفع بالاقتصاد العالمي في اتّجاه ركود عميق هذا العام متوقعا تراجع الناتج العالمي بنسبة ثلاثة بالمئة. وقالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في الصندوق غيتا غوبيناث إن "العالم تغيّر بشكل جذري في غضون ثلاثة أشهر (...) نواجه واقعا قاتما". وأضافت أنه "من المرجّح جدا هذا العام أن يشهد الاقتصاد العالمي أسوأ ركود منذ الكساد الكبير" الذي سجّل في ثلاثينيات القرن الماضي، معتبرة أن تداعيات الأزمة ستتخطى تلك التي نجمت عن الأزمة المالية العالمية.