في واحدة من أشد الأزمات التي يواجهها العالم في عصرنا الحالي ظهر فيروس كورونا الجديد ليغير حياة الناس ويقلبها رأساً على عقب، حيث كان أول ظهور لهذا الفيروس في مدينة ووهان الصينية في نهاية 2019م في سوق للمأكولات البحرية، ونظراً للكثافة السكانية العالية وتعامل الناس عن قرب مع حيوانات حاملة لهذا الفيروس انتشر بطريقة سريعة، وفي الأساس كان يصيب الحيوانات لكنه تمكن من الانتقال للبشر ليصبح جديداً بالنسبة لنا، وتنتقل الأنواع المماثلة لهذا الفيروس عن طريق الرذاذ عندما يسعل الشخص المصاب، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية تستمر فترة حضانة الفيروس حوالي 14 يوماً بين الإصابة وظهور الأعراض. وفي هذا السياق قامت المملكة العربية السعودية بعدة إجراءات وقائية لتجنب انتشار الفيروس على أراضيها؛ فتم تعليق دخول الراغبين في أداء العمرة وزيارة المسجد النبوي وتعليق العمرة للمواطنين والمقيمين داخل المملكة وعدم السماح بدخول مواطني دول مجلس التعاون الخليجي ومنع خروج المواطنين إلى دول المجلس وتشديداً لتلك التدابير تم إغلاق المراكز التجارية والأماكن الترفيهية وإيقاف جميع المناسبات الاجتماعية، إضافة إلى تعليق رحلات الطيران الدولية والداخلية ومنع التنقل بين المحافظات وتعطيل الدراسة حتى إشعار آخر وإيقاف صلاة الجمعة والجماعة باستثناء الحرمين الشريفين وفرضت المملكة منعاً للتجول لمدة 21 يوماً لمنع تفشي المرض، وتأتي هذه الخطوات في وقت يكافح فيه العالم أجمع للتغلب على هذا الوباء الذي استشرى في كافة الدول وأرهق جميع أنظمتها الصحية، إلى جانب هذا عملت خارجية المملكة على تحذير رعايها في الخارج والعمل على عودتهم إلى ديارهم سالمين. تلك الجهود والتدابير الوقائية التي اتخذتها المملكة جاءت موافقة لتوصيات منظمة الصحة العالمية وأثبتت قدرة كبيرة على تقدير الوضع وحسن التعامل مع الأزمة والشفافية في إعلان مستجدات الوضع الصحي أولاً بأول عبر الجهات الرسمية المخولة بهذا الأمر ورفعت وزارة الصحة استعدادها لضمان حصول المصابين من جراء هذا الوباء أو حالات الاشتباه على رعاية صحية كاملة ومتابعة دقيقة، وحرصت على رفع جاهزية الأطقم الطبية وتوفيرها بكافة المنافذ البرية والجوية والبحرية منذ اكتشاف الوباء منتصف ديسمبر فضلاً عن التنبيهات التي يصدرها المركز الوطني للوقاية من الأمراض كالتأكيد على غسل اليدين باستمرار وتجنب التجمعات، وقد عكست هذه الجهود حرص المملكة ومراعاتها لجميع حقوق الإنسان سواء بالرعاية الصحية أو تهيئة الظروف الحياتية، فعملت على توفير كل ما هو ضروري لتأمين معيشتهم من سلع ومستلزمات على خلاف ما قامت به بعض الدول من تدليس للحقائق، وظهر جلياً في تلك الأزمة سواء بإخفاء الأرقام الحقيقية للمصابين أو عدم تحذير مواطنيها وعدم توفير الرعاية الصحية لهم، كما خصصت الحكومة برنامج مساعدات لمواجهة آثار كورونا، وأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - بالتبرع بمبلغ 10 ملايين دولار لمعاونة منظمة الصحة العالمية، هذه الخطوات الاحترازية تؤكد مقدار ما توليه قيادتنا الرشيدة للحفاظ على صحة المواطنين والمقيمين وكل من يعيش على أرض هذا الوطن، وقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على «أن السعوديين أظهروا قوة وثباتاً في مواجهة هذه الأزمة، ووجه الشكر للشعب السعودي لتعاونه التام مع الأجهزة المعنية». حفظ الله وطننا من كل سوء، وأدام لنا قيادته الحكيمة.