شلت جائحة كورونا عمل القطاعات الحيوية في جميع دول العالم وتسببت في انتشار الهلع بين الناس في كافة المعمورة نتيجة الأعداد المتزايدة من الإصابات والوفيات، مما جعل الحديث عن مصدرها يحظى بنصيب الأسد من الاهتمام والنقاش والتحليل والتخمين في كافة وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، حيث لم تخل تلك التغطيات من تراشق الاتهامات وتمرير الفرضيات ونظريات المؤامرة لمنشأ هذا الوباء، وهل هو فيروس طبيعي أو حرب بيولوجية بين الدول الكبرى؟! وبصرف النظر عما قيل إعلامياً من مؤشرات وانطباعات أو مزاعم وحقائق لوجهات نظر مختلفة حول مصدر هذه الجائحة، نقول: يكاد أن تتفق الدراسات النقدية والتقارير الاستخباراتية والبحوث العلمية والتحقيقات الإعلامية التي تناولت هذا الموضوع بأن العالم بعد كورونا سيكون مختلفاً عما كان عليه قبل ظهور وانتشار هذا الفيروس القاتل. في المقابل سطر تعاطي حكومتنا الرشيدة فيما اتخذته من تدابير احترازية متنوعة ومبادرات تحفيزية عديدة لا يتسع المقام لذكرها تجاه ما خلفته هذه الجائحة من أثر على المجتمع والاقتصاد إعجاب كثير من دول العالم ومنظماته المعنية، حيث امتدت الأيادي الحانية لخادم الحرمين الشريفين - أعزه الله - لتشمل بعطفها مساندة أبناء وبنات الوطن العاملين في المنشآت المتأثرة من تداعيات هذا الفيروس، والتكفل بإعادة من تقطعت بهم السبل خارج الوطن، وكذلك دعم منشآت القطاع الخاص التي تواجه أزمة مالية نتيجة ما خلفه هذا الوباء من ضغط على أدائها الاقتصادي، بجانب توفير كافة سبل الرعاية الصحية ووسائل العناية الطبية لكافة المواطنين والمقيمين والمخالفين مجاناً على حد سواء. جائحة كورونا وبصرف النظر عن حقيقة وطبيعة مصدرها تبرز أهمية الحاجة لوجود إجراءات وتدابير ومتطلبات للاستعداد والكشف المبكر والفرز والتحكم أثناء التعاطي مع انتقال ونقل أو تفشي أي من المواد الجرثومية أو الحاملة لها، وهو ما يستلزم وضع استراتيجية وقائية وقوانين حازمة في مجال الأمن البيولوجي الوطني تبين كيفية تضافر الجهود والتعاون والتنسيق بين الجهات والمؤسسات ووضع خطط استجابة في جميع مراحل التعامل وبناء قدرات دفاعية وطنية متطورة تتميز بالجاهزية للمواجهة والقدرة على السيطرة لمواكبة المخاطر البيولوجية في حالة الهجمات المتعمدة أو الحوادث العرضية لا سمح الله؛ نحن اليوم لا نعيش بمعزل عما يمس العالم من تهديدات بيولوجية سواء كانت طبيعية أو مصنعة، ولهذا نقول: إن جهود الوطن في التعاطي مع جائحة كورونا كافية ووافية، وهذا بدوره يضع على عاتقنا مسؤولية والتزاماً نتيجة ما يردنا من شحنات ومنتجات وزائرين بالاستعداد مستقبلاً وفق خطط وآليات للتعامل مع تهديد خطر العوامل البيولوجية باحتوائها والتصدي لمخاطرها وتجنيب وطننا الغالي آثارها السلبية اجتماعياً أو اقتصادياً أو سياسياً.