منذ أن وطئت قدم قوات التحالف العربي والذي تقوده المملكة العربية السعودية في الأراضي اليمنية أحدثت تغيراً جذرياً في المعطيات على الأرض؛ حيث لعبت دوراً مهماً في إلحاق هزائم كبيرة بميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران وأفقدتها قدرتها على اجتياح الأراضي اليمنية والسيطرة عليها، وحققت العديد من المكاسب كان أبرزها استعادة وتأمين مضيق باب المندب الاستراتيجي غرب البلاد. وبالرغم من الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة للوصول إلى حل سياسي يحقق استقرار اليمن، واصلت الميليشيا الحوثية استهداف المدن السعودية، بما في ذلك العاصمة الرياض، بالصواريخ البالستية والطائرات دون طيار. كما تواصل الميليشيات العمليات العسكرية في محافظات يمنية ذات كثافة سكانية عالية مثل (مأرب، الجوف، الضالع) وقصف الأحياء المدنية المأهولة في هذه المحافظات بالصواريخ والمدفعية والطيران المسير، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري ويغذي استمرار العمليات العسكرية ويؤدي إلى إبطاء جهود الاستعداد لمواجهة تبعات (جائحة كورونا). وامتداداً لمبادرات التحالف العربي المستمرة والهادفة لتحقيق حل سياسي دائم للصراع في اليمن، أعلن التحالف وقفاً شاملاً لإطلاق النار لمدة أسبوعين، يأتي ذلك القرار في هذا الظرف كدليل على دور المملكة المحوري في تحقيق الاستقرار في المنطقة وتحديداً في هذا الوقت الحرج، ودعماً لجهود الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار ودخول الأطراف اليمنية في مفاوضات مباشرة. وأيدت المملكة دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار ودخول اليمنيين في مفاوضات مباشرة، وعملت بشكل مستمر مع الأطراف اليمنية والأممالمتحدة لتحقيق التهدئة وضمان التوصل إلى حل سياسي يرضي الأطراف اليمنية. ويأتي دعم المملكة وتأييدها لوقف إطلاق النار في اليمن، استمراراً لجهودها الرامية لتحقيق الحل السياسي الشامل، وانطلاقاً من الدور الكبير الذي تلعبه عالمياً في مواجهة جائحة فيروس كورونا COVID-19. وتأمل المملكة في أن يساعد وقف إطلاق النار في التوصل إلى إنجاح الاجتماع الذي دعا له مبعوث الأممالمتحدة ممثلين من الحكومة اليمنية والحوثيين وممثلين عسكريين من التحالف، للتوصل إلى اتفاق شامل، ووقف دائم لإطلاق النار. ويعد وقف إطلاق النار في اليمن لمدة أسبوعين، فرصة تاريخية نحو التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، ومن يسعى لعرقلتها سيعتبر مسؤولاً عن تفويت الفرصة أمام الشعب اليمني، وعن أي تبعات صحية أو اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية تحدث نتيجة (جائحة كورونا) - لا قدر الله -. وتستهدف مبادرة وقف إطلاق النار التي يقودها مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، خفض الأعمال العدائية، وبناء الثقة بين الأطراف اليمنية، وتركيز الجهود على توفير الإغاثة الإنسانية للشعب اليمني لمواجهة تفشي فيروس كورونا في البلاد. ورغم الجهود الدولية للوصول إلى الحل السياسي في اليمن، وبعد لحظات من إعلان تحالف دعم الشرعية وقف إطلاق النار، لم تتخل ميليشيا الحوثي عن سلوكها العدواني واستهدفت مدينة مأرب، شمال شرق اليمن، بصاروخ أحدث انفجاره دوياً عنيفاً، كما قصفت الأحياء السكنية في محافظة الحديدة، غربي اليمن، ما أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين. ومن جانب آخر، أدان السفير الأميركي في اليمن كريستوفر هنزل، إطلاق الحوثيين صواريخ وقذائف الهاون على مدينة تعز، والتي أصابت قسم النساء في السجن المركزي، ما أدى إلى مصرع وجرح العديد من الضحايا، وقالت السفارة الأميركية لدى اليمن إن العمل الاستفزازي والتصعيدي من قبل الحوثيين في اليمن يجب أن يتوقف.جدير بالذكر أن المملكة منذ العام 2014، عملت بلا كلل من أجل تخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن، من خلال مركز الملك سلمان الإغاثة، والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، وعملت على توفير المواد الغذائية والأدوية، وبناء المدارس والمستشفيات ومحطات الطاقة، وتوفير مشتقات النفط، ونزعت من خلال مشروع "مسام" مئات الآلاف من الألغام الأرضية. وبذلت المملكة جهوداً حثيثة لاستمرار الحوار بين اليمنيين، حتى بعد الانقلاب على الحكومة الشرعية عام 2014، حتى في ظل رفض الميليشيا الحوثية المستمر، ومطاردتها الرئيس الشرعي وحكومته والاستيلاء على المدن اليمنية ومقدرات الدولة بالقوة المسلحة. وكانت المملكة قد حاولت الإبقاء على وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه الحكومة الشرعية عام 2016م، وذلك تمهيداً لاستئناف المفاوضات بين الأطراف اليمنية، ولكن لم يتحقق ذلك بسبب تعنت الميليشيا الحوثية وإصرارها على استمرار القتال. ودعمت المملكة دعوة المبعوث الأممي (مارتن غريفثس) إلى مشاورات جديدة بين الأطراف اليمنية في جنيف (سبتمبر 2018م) وأسفرت الدعوة عن حضور الوفد اليمني الحكومي ورفض وفد الميليشيا الحوثية الحضور. كما دعمت المملكة دعوة المبعوث الأممي (مارتن غريفثس) الثانية إلى مشاورات بين الأطراف اليمنية في ستوكهولم (ديسمبر 2018م) ودعمت بقوة التوصل إلى اتفاق ستوكهولم، الذي لم يتم تنفيذه بشكل كامل حتى الآن في ظل تعنت الميليشيا الحوثية.