من منا لا يشتاق لممارسة حياته اليومية طبيعيًا؟ ومن منا لم يشده الحنين للسير إلى المساجد، واجتماع الأسرة، وجمعة الأصدقاء في الأماكن الخاصة والعامة؟ ومن منا لا يترقب بلهفة دخول شهر رمضان المبارك بالخير والرحمة؟ جميع ما ذكرته أعلاه تسبب في حرماننا منه فيروس كورونا وتأجيله إلى وقت لا يعلمه إلا الخالق سبحانه بعد تفشي هذا الوباء الذي وصل إلى مرحلة الجائحة التي انتشرت في معظم دول العالم إن لم يكن كلها، دون استثناء أو تمييز لدولة دون أخرى. ولكن هذا الفيروس وحد العالم وجنده للتصدي والقضاء عليه؛ حيث تجاوز حتى اللحظة مليون إصابة حول العالم، بحسب الإحصائيات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية وعشرات الآلاف من الوفيات. لقد حل هذا الفيروس في توقيت حرج جدًا؛ إذ كانت تواجه المملكة العربية السعودية حملة مسعورة منذ فترة، ولكن بفضل الله أثبتت المملكة بقيادة زعيمها الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، أنها بلد الإنسانية حقًا لا تصنعًا حين ساوت القيادة الحكيمة بين مواطنيها والمقيمين على أرضها، بل حتى المخالفين لنظام الإقامة والعمل في أحقيتهم في الحصول على الرعاية الطبية اللازمة المجانية لجميع مصابي كورونا دون استثناء، وبدون أي ملاحقة قانونية مستقبلًا. أكدت السعودية أيضًا أن القيم الإسلامية السمحاء من تسامح وعدالة ورحمة وإنسانية نبيلة هي غريزة وركيزة أساسية لدى الشعب السعودي كافة، وذلك حين قدمت مصلحة مواطنيها والمقيمين فيها حتى أبناء العالم الإسلامي على مصالحها ومكاسبها الاقتصادية، وأثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن حياة البشر أثمن لدى القيادة الحكيمة من أموال ومكتسبات الدنيا. الأزمة أيضًا أثبتت أن مبادئ التسامح والتكاتف غرائز ثابتة لدى البشر، رغم اختلاف العادات والقيم والعقائد، وتحتاج فقط لمن يوجهها أو يحفزها إيجابيًا، وهو تمامًا ما حصل عندما استشعرت البشرية خطورة هذه الجائحة على جنسهم البشري. حتمًا سيزهر العالم بعد جائحة كورونا، وسنخرج للحياة ونراها بشكل أجمل، ولكن على العالم أن يتغير بالقيم ويتطور لأجل صناعة الإنسان، وعلينا أن نفكر ونتدبر في الكون، والأجمل عندما نملأه إخلاصًا وبذلًا وإتقانًا، وتكون ضمائرنا كالشمس تضيء وتنشر الفرح والسعادة للآخرين، وعلينا أن نعمل بتعاليم ديننا الحنيف الذي يحثنا على فعل الخير على هذه الأرض حتى قيام الساعة، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً).