ما هي إلا فترة أضحى معها فيروس كورونا مصدر إلهام وسخرية وهزل لفئام من الناس بعد أن كان مصدر رعب وقلق وشيء من الحذر، هي في الواقع حالة طبيعية تصيب بعض أفراد المجتمعات ولسنا بمنأى عنهم، فمع عدم استقرار الوضع والحالات المتزايدة، قد يصاب الناس بحالة نمطية عفوية غير متعمدة كالضحك المفرط، أو النعاس المبكر، أو النسيان المنهك، أو حتى البكاء المجهش، وهو أمر رباني ورحمة للعالمين به يهون وطء المصيبة والألم، وهي حالة تصيب الإنسان في الوقت الذي لا يتوقع أن يصاب به ولا من المفترض أن يكون على هذه الحال على أقل تقدير، كورونا أثبت أنه أقوى من الصواريخ عابرة القارات، وأنه لا يعترف بالحدود أو السيادات أو المجالات الجوية، هو من أصغر المخلوقات جرماً ولكنه من أسرعها انتشارا وتأثيراً وإن صح التعبير فهو القاتل الصامت، هو الذي لا يعرف الواسطة أو الجاه ولا يفرق بين صغير ولا كبير ولا عظيم ولا وضيع، وهو السبب في انهيار الاقتصاد وإنعاش الاقتصاد، وهو الذي أظهر حس المواطنة والمناضلة بين الناس، وهو الذي أضعف اجتماعياً اللقاءات والمناسبات وفي المقابل جمع شتات أفراد الأسرة الواحدة حول بعضهم البعض، هو سلسلة من حلقات لا يعرف لها مؤلف أو مخرج ولا من هم أبطالها أو ضحاياها، هو الذي كشف عن ضعف الإجراءات الوقائية والاستباقية فيما يتعلق بإدارة الأزمات في الدول الكبرى مقارنة بما نراه من إجراءات وقائية واستباقية غير مسبوقة في المملكة بشكل خاص، وهو الذي وحد العالم بأسره من مؤسسات وجمعيات ووزارات ومنظمات حتى أصبح من في أقاصي الشرق يتتبع من هم في أقاصي الغرب والعكس، وهو ما لا حل معه بعد الله عز وجل إلا بتكاتف الجهود وتعاضد الأفراد، هذا هو كورونا وهذا هو الوجه الحقيقي له، أخيراً مما ذكر في الأوبئة والطواعين ما ذكره ابن حجر - رحمه الله تعالى - في كتابه "ﺑﺬﻝ ﺍﻟﻤﺎﻋﻮﻥ ﻓﻲ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻄﺎﻋﻮﻥ": أن عامة الطواعين التي أصابت بلدان المسلمين على مر التاريخ إنما تقع أثناء فصل الربيع ثم ترتفع في أول الصيف.