اليوم يشعر العالم بتوعك شديد، تتناوبه الحرارة والبرودة في كل المجالات الحيوية، ما يضاعف أشكال الإعياء في الحالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، الكل يقرأ والكل يشاهد والكل يكتب، عن إحصائيات يومية لمصابي فيروس كرونا (كوفيد19) عن 3 مليارات إنسان في الحجر المنزليّ للاحتماء من العدوى بالوباء، الذي سجل 600 ألف إصابة و28 ألف وفاة حصيلة الفيروس عالمياً، فقد أصبحت الولاياتالمتحدة الدولة الأولى عالميًا من حيث عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، مُتخطية بذلك الصين، أول دولة ظهر فيها الوباء في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. ووفقًا لتقارير Cnn تجاوز العدد 100,000 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا في الولاياتالمتحدة مقارنة بالصين، فلعل ما يُرجى هو بذل الجهد ليتجاوز العالم الفضاء الشاسع من الأزمة الوبائية، وليتخلوا عن ذلك الحكم المسبق القديم الأحادي الذي يميزهم عن غيرهم من الأمم، فالواقع يتناسب تدريجياً مع الموضوعات التي يشغلها، والتي أضحت مشتركة في الأرباح والخسائر، وكذلك الخوف والهلع ليس بمنأى عن الجميع، كما لو كانوا في مكان واحد، فقد تركت التقلبات أثراً بليغاً بحيث لا يكاد الفرد يخاطب نفسه حتى ينظر إلى شاشات الأجهزة والقلق المنبعث منها حوله، ويتساءل ماذا حدث في العالم حتى أصبح الوضع أكثر تعقيداً؟ لفهم ما يحدث يحتاج الجميع إلى نمط تفكير جديد، يترتب عليه مبادئ العقل العمومي، وهو الذي يتصرف وفق قواعد حكمه الخاص من دون أن يتناقض مع نفسه، فالنتائج في تزايد مستمر من المصابين بفيروس كورونا المستجد في الدول المتقدمة العالم الأول كما يسمى، بعد أن ارتفعت حالات الإصابة بالفيروس في معظم الدول وسط تشديد الإجراءات التي اتخذتها الحكومات مع شعوبها لحمايتهم ولحصر الأعداد وعزلها، ولكن ما أثار حالة من القلق في العالمين العربي والغربي ودول شرق آسيا والصين على وجه التحديد تزايد أعداد المصابين في أوروبا وأميركا، قد يكون التأخير هو أحد الأسباب في اتخاذ الكثير من التدابير لمواجهة تفشي الفيروس. بينما في المملكة استعدادات كبيرة وعمل جبار لمواجهة الوباء باحتياطات ضخمة من عدة قطاعات في الدولة مكونة منظومة عمل موحد للحد من انتشار الفيروس، ونجحت بشهادة النتائج والتقارير العالمية وأفاد المسؤول السعودي منذ بداية الوباء بأن وزارة الصحة قامت بإجراءات احترازية وقائية تضمنت تجهيز 25 مستشفى لاستقبال الحالات المؤكدة، وتوفير 80 ألف سرير في كل القطاعات الصحية، و8 آلاف سرير عناية مركزة، و2200 سرير عزل، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء السعودية «واس». في الحقيقة بدأ عام 2020 بوافر من القلق لعدة ملفات لم تغلق منذ 2019 من جراء الكوارث الطبيعية، والخسائر التي تكبدتها أستراليا من حرائق الغابات وإعلان حالة الطوارئ في الثاني من يناير بسبب اتساع رقعتها، إضافة إلى مآسي الحرب في سوريا وليبيا ومسألة اللاجئين العالقين على حدود اليونان ومقايضات أردوغان الرئيس التركي لأوروبا، والفوضى في العراق ولبنان بمعول نظام الملالي في إيران أما الفاعلون في الحراك السياسي والاقتصادي فأصيبوا بإحباطات، وأجزم البعض أن عام 2020 عام الملفات الشائكة، ولن يطوي التاريخ هذه الصفحة سريعاً بسبب مأسٍ مروعة صحية واقتصادية وأيضاً سياسية، ولكن جميع الأحداث طغى عليها المشهد العام للجائحة كورونا التي أصابت العالم. فمن الأفضل اختيار الاستراتيجية التشخيصية للحالة الصحية أولاً، وجعلهم على نحو ما يحتاج أن يكونوا عليه لاستقبال مزيد من مفاجآت قد تكون قادمة بسبب الفيروس، فالوقاية والتشخيص المبكر يحد من سرعة الانتشار، وبتعبيرات أكثر تقدما لتحل محل المصير الغامض فإلى كل أولئك الذين يتساءلون بشكل أو بآخر تعوزهم الطرق لتفادي الإحباط واليأس، فمن دون أن نعود إلى تاريخ الحروب أو أن ننفذ إلى الماضي، يلزم مواكبة حركة سير الأزمنة ومعاصرتها بلا توقف، مهما تعاظمت الأحداث فالكل يعيش ساعات حرجة، وأصوات تستغيث ووفيات على مدار الساعة. وهكذا، يخفت بريق القضايا بالتقادم إذا استمر انتشار الفيروس في سائر أنحاء العالم ويبقى في الواجهة حسب الأهمية، حتى يتم القضاء عليه، مهما آلت حياة البشر فإن التواصل مستمر، وإدراك الوتيرة المتسارعة للحياة المعاصرة باقية بكل ما فيها من أجواء طامحة إلى الانفتاح والسلام وانتهاء الصراعات والأوبئة، والمواجهة وأشكالها المزدوجة، وبموجب هذه المحصلة سيكون على إنسان اليوم المملوء بالهموم أن يزيح عن كاهله هذه الرهبة من الأمراض والتقلبات السياسية والاقتصادية المزدحمة في خياله المتخم بآلام الحاضر، بما أن المجتمعات المعاصرة قد استسلمت لهيمنة العلم وأيديولوجيا مهيمنة وتطبيقات تكنولوجية أضاءت آمال المستقبل، ولكنها لم تفلح بالقضاء على الأوبئة أو إيجاد أمصال دوائية تنقذ البشر من الموت، ولكن مازال العالم يعد التكنولوجيا غاية بحد ذاتها يجب تحقيقها مهما تواردت الأحداث وتتابعت الأقدار.