وسط صخب الحديث عن فيروس كورونا المستجد، وتطوراته، يحف الهدوء أروقة المنطقة التاريخية وسط مدينة جدة، مقاومة ألم انقطاع زوارها التي اعتادت على تواجدهم في ساعات المساء، والصباح الأولى من كل يوم بسبب منع التجول بسبب هذا الفيروس. وعلى الرغم بأن تاريخية جدة لم تتعود على انقطاع زوارها، إلا أنها وقفت بتاريخها وحضارتها في مواجهة، ومقاومة وباء العصر الحديث، والتزمت، وحرصت على تطبيق نظام حظر التجول التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لمواجهة جائحة كورونا. قبل دقائق من بدء حظر التجول خلت الأزقة في المنطقة التاريخية، وعم الهدوء أروقتها، واختزلت رواشين بيوت المنطقة تاريخية القديمة هدوء المكان، وعراقته باستحضار تاريخ مضى لا يزال عالقاً على جوانب بنايات سجلت فصول تاريخ المدينة الساحلية. كان لا بد من معايشة التاريخ إلى جانب العلم في جائحة كورونا، وفي جولة ل "الرياض" على المنطقة التاريخية اجتمع التاريخ والعلم في مكان واحد، فجميع أهالي المنطقة التاريخية التزموا بالحظر لمواجهة هذا الفيروس، فيما انتشرت آليات التعقيم بكوادرها البشرية في أزقة تاريخية جدة مع ساعات الحظر الأولى. وخلال الجولة الصحافية، تم رصد آليات التعقيم التي بدأت في أزقة المنطقة التاريخية، حيث يتم تعقيمها ضمن الاحترازات الوقائية التي اتخذتها الجهات المعني في المنطقة التاريخية، فيما خلت جلسات المركاز وسط المنطقة التاريخية من زوارها وقاية من كورونا، وهو الهدوء الذي لم تعتد عليه المنطقة التاريخية بجدة. الكثير من المباني التاريخية، والتراثية التي اعتادت على ضجيج سكانها، وزائريها التزمت الصمت في فترة الحظر مثل بيت نصيف، ودار آل جمجوم الواقع في حارة اليمن، ومنزل باعشن التراثي، والشربتلي الذي كان يشهد الكثير من الفعاليات، ودار قمصاني، ومسجد الشافعي في حارة المظلوم، وغيرها من المواقع التراثية الأخرى. حراك ثقافي، وتراثي تشهده المنطقة التاريخية بجدة في كل عام، إلا أن جائحة "كورونا" أوقفت الكثير من الفعاليات التي كان من المنتظر أن تكون في هذه المنطقة التاريخية التي اعتاد الناس على زيارتها في نهاية كل أسبوع. وتبقى المنطقة التاريخية في محافظة جدة صامدة في وجه كل المتغيرات المختلفة لتحتفظ بتاريخها التراثي من خلال أعمال الترميم والتطوير للمنازل التراثية من قبل الجهات المعنية، حيث تحظى باهتمام كبير من قبل قيادة المملكة العربية السعودية. يذكر أن منطقة جدة التاريخية تضم عدداً من المعالم، والمباني الأثرية والتراثية، أبرزها حارة المظلوم، وحارة الشام، وحارة اليمن، وحارة البحر، إضافة إلى عدد من المساجد التاريخية منها مسجد عثمان بن عفان، ومسجد الشافعي، ومسجد الباشا، ومسجد عكاش، ومسجد المعمار، وجامع الحنفي، إضافة إلى الأسواق التاريخية، حيث المنطقة التاريخية في عام 2014 ضمن مواقع التراث العالمي. أعمال التعقيم لكافة أزقة تاريخية جدة (عدسة/ محسن سالم) رواشين المنازل التراثية بهدوئها المعتاد