ما بين رواشين جدة التاريخية، ومسرح “حكايا مسك”، يسكن التاريخ مدوناً فصلاً جديداً يضاف إلى سجلاته التاريخية الطويلة من خلال استلهام قصص أبطال سعوديين دافعوا عن الوطن لتسجل إنجازاتهم وتضحياتهم إلى جانب ذلك التاريخ. وعلى الرغم من التاريخ الطويل والذي يعود إلى مئات السنين لتلك الرواشين، وهي إحدى السمات المعمارية القديمة في المنطقة التاريخية بجدة، إلا أنها كانت شاهداً لقصص أبطال تروى على مسرح حكايا مسك، ضمن فعاليات مهرجان حكايا مسك الذي تنظمه مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز “مسك الخيرية”. في أروقة منطقة جدة التاريخية لا تكاد تسمع سوى إشراقات من التاريخ القديم، والحديث للمملكة العربية السعودية، فتارة يدور الحديث عن تاريخ المملكة الذي تعكسه المنطقة التاريخية مختزلة جزءاً من ذاكرة توحيدها، وتارة أخرى يدور الحديث عن تاريخ حديث سطره أبناؤها من المرابطون في الحد الجنوبي يروى على مسرح حكايا مسك، وما قدموه من دور بطولي في الدفاع عن أرض الوطن المملكة. كان لمهرجان “حكايا مسك” صدى كبير داخل أروقة منقطة جدة التاريخية الذي تم اختيارها لانبعاث روح الجزء التاريخي من المدينة من جديد بقصص شهداء من أبطال الحد الجنوبي الذين استشهدوا في أرض المعركة دفاعاً عن الوطن. ارتبطت المنطقة التاريخية الواقعة في وسط مدينة جدة، والتي يعود تاريخها بحسب بعض المصادر إلى عصور ما قبل الإسلام، بالكثير من الأحداث التاريخية، حيث كانت نقطة التحول في تاريخها عندما اتخذ منها الخليفة الراشد عثمان بن عفان، ميناءً لمكة المكرمة في عام 26 ه. وتضم جدة التاريخية عدداً من المعالم والمباني الأثرية والتراثية، مثل آثار سور جدة وحاراتها التاريخية: حارة المظلوم، وحارة الشام، وحارة اليمن، وحارة البحر، كما يوجد بها عدد من المساجد التاريخية أبرزها: مسجد عثمان بن عفان، ومسجد الشافعي، ومسجد الباشا، ومسجد عكاش، ومسجد المعمار، وجامع الحنفي، إضافة إلى الأسواق التاريخية. على جنبات عبق الماضي الأصيل في المنطقة التاريخية، تقف شخصيات لها تاريخ كبير مع تلك المنطقة تستلهم الماضي، يقابلها شبان، وشابات يرسمون مستقبلهم عبر صالات تعلم، وتدريب في مجالات عدة ضمن فعاليات مهرجان حكايا مسك. وتختزل “الرواشين” جزءاً كبيراً من تاريخية مدينة جدة، والتي تعود إلى عوائل تجارية كبيرة، حيث لا يمكن مشاهدة منزل في تاريخية جدة من دون “الرواشين”، سواء من المنازل التي تم تطويرها، أو تلك التي لا تزال عالقة على جوانب بنايات سجلت فصول تاريخ المدينة الساحلية، حيث تنسجم “الرواشين”، وهي نوافذ خشبية مع البيئة المحلية عبر مئات السنين بمدينة جدة.