لا يختلف اثنان على أن جائحة كورونا التي اجتاحت العالم أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أهمية تكامل جهود كل النخب بصفة عامة والعلمية بصفة خاصة لتسخير أحدث التقنيات العلمية المتطورة والاكتشافات والابتكارات في خدمة الإنسانية من خلال التصدي لأي أوبئة مماثلة - لا سمح الله - في المستقبل، ورصد توقعات حدوثها تقنيًا، لتنبيه الجهات المعنية لوضع الاحترازات اللازمة لمواجهتها مبكرًا قبل استفحالها، والتثبت العلمي من حدوث أي فاشيات، والإسراع في إطلاق الإنذارات بشأنها للتمكن من السيطرة عليها، وتقييم المخاطر الناجمة عنها، وتقديم المساعدة اللازمة للمتضررين منها على وجه السرعة. الجائحة حتمًا ستثير نهم العلماء والباحثين للعمل ليل نهار من أجل التوصل إلى ابتكارات علمية جديدة، لاستخدامها في خدمة الإنسانية ودرء أي أخطار تواجهها سواء كانت ناتجة عن أوبئة أو غيرها، وقطعًا تتطلع دول العالم لأي تطورات علمية حديثة لتكون في منأى عن أي كوارث وأزمات صحية. ونشير هنا إلى أهمية التأكيد للمختصين في العلم البيولوجي التقني وعلم الجينات على عدم أي تلاعب بالخلايا الحية والجينات، ولأن الجينيات كائنات حية تتحرك وتنتقل وتتلاقح وتختلط بكائنات أخرى يمكن أن تتسبب في التلوث الجيني، ونشير هنا إلى أن زرع هرمون النمو في أسماك السلمون يعد نوعًا من العبث الذي ينذر بكارثة صحية خطيرة يتضرر منها الإنسان وتصيبه بأمراض يقف العالم عاجزًا عن تأمين علاج لها، حتى النباتات قد تتضرر من خطورة التلاعب الجيني، ما يؤثر في صحة الإنسان، ومن المعروف أن أي كائنات محورة جينيًا بعد موتها تؤدي إلى تلوث البيئة وإحداث خلل في الطبيعة والإضرار بصحة الإنسان الذي يعد الخاسر الأول، كونه سيفقد الفضاء الطبيعي الذي خصص له ليعيش فيه بأمن وسلام. نتطلع لإنشاء منظومة حماية توجه بوصلة التطور العلمي نحو خدمة البشرية، ودعم توجيه العلوم لتحقيق الأغراض السلمية، مع اتباع سياسات تنظيمية تمنع أي تسلح تكنولوجي صناعي إلا إذا كان لأغراض إنسانية، نتطلع لاستخدام التطور العلمي التقني في نشر ثقافة السلام ومنع إشعال النزاعات، وتوجيه ثورة الاختراعات والابتكارات العلمية في العالم لدعم تطوير صناعة الأجهزة والعقاقير الطبية من أجل إنقاذ الإنسان عند حدوث الأوبئة. ولأننا أمام أخطار جسيمة بدأ أثر بعضها واضحًا للعيان.. نقولها بصدق آن الأوان لتستيقظ الجهات المختصة في العالم وتدرك خطورة أي كوارث مدمرة، ولا يوجد أي حل في الأفق لمواجهتها إلا من خلال تكريس البشرية جهودها في البحث المتواصل من أجل إرساء نظام عالمي إنساني جديد يضمن للبشر حياة آمنة خالية من الأخطار والأوبئة، مع تكثيف الجهود للحفاظ على البنية التحتية التي نعيش فيها، ومنع أي تعديات عليها بحجة تحقيق أهداف اقتصادية ضيقة. وختامًا؛ نسأل الله أن يحفظ هذا الكوكب من جشع التجار وتسلط الأقوياء على الضعفاء، وأن توجه علومه ومقدراته وجهوده لإسعاد الإنسانية ورفاهيتها.