بينما يواصل فيروس كورونا تبديل خصائصه وتعزيز أسلحة فتكه تتصاعد بالمقابل محاولات البشر -بصفتهم الضحايا الرئيسين- للفهم وتقديم تفسيرات والخلوص للعِبَر التي قد تسهم في تعديل السلوك البشري مستقبلاً، ورغم إجماع الآراء على أن الفيروس ما هو إلا رسالة إلهية وأن الإنسان هو الذي حرض هذه الرسالة وانبعاث هذا الفيروس للوجود، إلا أن الآراء تتنوع حول الكيفية التي تم بها هذا التحريض. فهناك من يقول إن الإنسان قد بلغ الذروة في عدم احترام الطبيعة بحيث دك الجبال وأزال غابات وبحيرات وبالتالي محا جغرافيات نباتية كانت موطناً لكثير من الحيوانات البرية، والتي إما بادت أو اضطرت للانتقال لمواطن أخرى لحيوانات أخرى وبالتالي تم اختلاط أنواع من الحيوانات لم يسبق اختلاطها ما أدى لانبعاث فيروسات وأمراض غير متوقعة مثل فيروس الكورونا. وتذهب بعض الآراء للاعتقاد أن إبادة أنواع عديدة من الحيوانات الوحشية قد أحرج الفيروسات التي كانت تتخذ من تلك الحيوانات موطناً لها، ما اضطر تلك الفيروسات للبحث عن مواطن في كائنات أخرى، ولا أمثل موطناً من الإنسان الذي تتفاقم أعداده حيث تجاوز عدد سكان كوكب الأرض السبعة مليارات نسمة مرشحة للتصاعد للعشرة. وبذلك أصبح الإنسان المرتع الأمثل للفيروسات المهجرة من مواطنها الحيوانية. وتذهب آراء أخرى للتأكيد على دور الإنسان الاستنزافي لمقدرات الطبيعة وتأجيجه لغمام التلوث الذي خنق كوكب الأرض وسكانه وتسبب في وفيات لو تم رصدها بالأضواء الإعلامية الكاشفة التي ترصد بها وفيات كورونا لوقف البشر ذاهلين من نتاج عوادم مصانعهم ووسائل مواصلاتهم، وفي ذلك الصدد فلقد تم خلال الشهر الماضي هذا الإحصاء وثبت انخفاض عدد قتلى التلوث الأمر الذي نتج عن الحجر الصحي الذي أوقف عجلات الإنتاج والاستهلاك ومواتير السفر وخفض منسوب التلوث على كوكب الأرض. وبالتالي فإن انبعاث فيروس كورونا قد قام بما يشبه الكوابح التي أوقفت عجلة دوران الأرض لكي يجدها البشر فرصة للتمهل والتملي ومراجعة ممارساتهم.