هل بإمكان الرئيس التنفيذي للشركة أن يقود مجلس إدارتها، ويؤثر عليه، ويصرفه عن أعماله ومهامه الرئيسة، المتمثلة في متابعة أداء الشركة وتوجهاتها الاستراتيجية، ومراقبة وملاحظة ما تتعرض له الشركة من تهديدات ومخاطر؟ الإجابة نعم، متى ما كان الرئيس التنفيذي راغباً في ذلك، ومتى ما كان مجلس الإدارة غير مدرك لدوره الحقيقي، وما المطلوب منه ليتمكن من تحقيق تطلعات الشركة والقيام بدوره على الوجه المطلوب. يستطيع الرئيس التنفيذي القيام بذلك بطرق عدة. ولكن أهمها؛ أمران أولهما، الإسهاب والتفصيل فيما يعرضه من تقارير على المجلس في اجتماعاته. وكما ذكرتُ في المقالة السابقة أن المجلس يستطيع متابعة أداء الرئيس التنفيذي والوقوف على ما يدور في الشركة من خلال الطلب من الرئيس التنفيذي أن يعد لهم تقريراً يُعرض على المجلس في بداية كل اجتماع. ولكن هذا التقرير له شروطه ومواصفاته التي يحسن بالمجلس الانتباه لها والتأكد من توفرها، كي لا يتخذ الرئيس التنفيذي هذا التقرير وسيلة لإدخال المجلس في تفاصيل هو في غنى عنها من جانب، ثم هي ليست من صميم عمله من جانب آخر. وحيث إن هذا التقرير يعرض دائمًا في بداية الاجتماع، فحري بالمجلس أن يخصص له الوقت المناسب كي لا يكون على حساب موضوعات أخرى أكثر أهمية، وأكثر ارتباطاً بطبيعة عمل المجلس ودوره ومهامه. الأمر الآخر الذي قد يمارسه الرئيس التنفيذي مما يؤدي إلى إشغال المجلس، بل إضاعة وقته، في أمور هي من مهام الرئيس التنفيذي، هو أن يغرق المجلس بأن يعرض عليه الكثير من الموضوعات التي لا تدخل ضمن مهامه واختصاصاته. وهذا يحدث حينما يكون رئيس المجلس غير مدرك لهذه الأمور أو مجامل للرئيس التنفيذي. إن عرض مثل هذه الموضوعات، والتي في الغالب يركز فيها الرئيس التنفيذي على ما حققه، وليس ما سيحققه، تدخل مجلس الإدارة في أمور بالإمكان اختصارها، بل هو قد لا يكون في حاجة للاطلاع عليها من الأساس، ما يتسبب في تشتيت جهود المجلس وإضاعة وقته. إن اتباع الرئيس التنفيذي لأي من هذين الأسلوبين، يمكنه من إدارة المجلس وليس العكس. وهي ليست إدارة في معناها الواسع، ولكن المقصود توجيهه والتأثير عليه وصرفه وإشغاله عن مهامه وأدواره الرئيسة، مما يتطلب من المجلس، ورئيسه على وجه التحديد، أن يكون يقضاً لمثل تلك الممارسات، والأهم من ذلك أن يكون مدركاً لدوره وما المطلوب منه، حتى لا ينحرف عن ذلك الدور لممارسة أدوار غيره في الشركة.