نظر الفلاسفة والمفكرون إلى الفطرة الإنسانية من زوايا مختلفة، وتباينت آراؤهم في تحديد نسبتها إلى كل من الخير والشر، فهناك من ذهب إلى القول إن طبيعة البشر فطرت على الخير، ولا تصير إلى الشر إلا بعوامل طارئة على فطرته خارجة عن حقيقته، وهناك من رأى أن الإنسان بطبعه شرير، وأن الخير طارئ عليه، وأن فطرته لا تصير إلى الخير إلا بالتأديب والتهذيب، وهناك من رأى أن الفرد عند ولادته لا توصف فطرته بالخير ولا بالشر، ولا تنسب لأي منهما، وإنما لديه استعداد لأن يتصف بأيهما فيما بعد، هذه الرؤي المختلفة لفطرة الإنسان كان لها انعكاس على التربية، ففي ظل النظرة إلى الإنسان على أنه خير بطبعه، كان على التربية أن تطلق طاقاته المبدعة ليظهر فيه هذا الخير، ويتحقق الخير للمجتمع الذي ينتمي إليه، وفي ظل النظرة إلى الإنسان على أنه بطبعه شرير، كان هدف التربية كبح جماحه والتصدي لذلك الشر الكامن في نفسه، وفي ظل النظرة الوسيطة بين جانبي الخير والشر في الإنسان، كانت التربية بحيث تنمي جانب الخير وتحفزه وتعمل على استمراريته، وكانت كذلك بحيث تعمل على تهذيب النفس وتأديبها والإقلال من الشر والعمل على التخلص منه. وينظر الإسلام إلى الطبيعة البشرية على أنها خيرة بالفطرة وشريرة بالفطرة، والعقل هو الذي يتحكم في سيادة إحدى هاتين القيمتين على الأخرى، وللإنسان مطلق الحرية للتصرف بعقله في اتباع الخير أو الشر، فالإسلام يرى أن الإنسان يولد مزوداً بإمكانات الخير والشر معاً، وسيره في أيهما رهن بتربيته وتنشئته، وقد عبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: «كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه». وقد اختار الإسلام التربية لتحقيق خير الإنسان واعتبرها مسؤولية فردية وجماعية اجتماعية.